لأمثلن بثلاثين منهم ورجع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه إلى المدينة ويقال أنه قال لعلي لا يصيب المشركون منا مثلها حتى يفتح الله علينا (حمراء الأسد) ولما كان يوم أحد سادس عشر شوال وهو صبيحة يوم أحد أذن مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم بالخروج لطلب العدو وأن لا يخرج الا من حضر معه بالأمس وفسح لجابر بن عبد الله ممن سواهم فخرج وخرجوا على ما بهم من الجهد والجراح وصار عليه السلام متجلدا مرهبا للعدو وانتهى إلى حمراء الأسد على ثمانية أميال من المدينة وأقام بها ثلاثا ومر به هناك معبد بن أبي معبد الخزاعي سائرا إلى مكة ولقى أبا سفيان وكفار قريش بالروحاء فأخبرهم بخروج رسول الله صلى الله عليه وسلم في طلبهم وكانوا يرومون الرجوع إلى المدينة ففت ذلك في أعضادهم وعادوا إلى مكة (بعث الرجيع) ثم قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم في صفر متم الثلاثة من الهجرة نفر من عضل والقارة بنى الهون من خزيمة اخوة بنى أسد فذكروا أن فيهم اسلاما ورغبوا أن يبعث فيهم من يفقههم في الدين فبعث معهم ستة رجال من أصحابه مرثد بن أبي مرثد الغنوي وخالد بن البكير الليثي وعاصم بن ثابت بن أبي الأفلح من بنى عمرو بن عوف وخبيب بن عدى من بنى جحجبا بن كلفة وزيد بن الدثنة بن بياضة بن عامر وعبد الله ابن طارق حليف بنى ظفر وأمر عليهم مرثدا منهم ونهضوا مع القوم حتى إذا كانوا بالرجيع وهو ماء لهذيل قريبا من عسفان غدروا بهم واستصرخوا هذيلا عليهم فغشوهم في رحالهم ففزعوا إلى القتال فأمنوهم وقالوا انا نريد نصيب بكم فداء من أهل مكة فامتنع مرثد وخالد وعاصم من أمنهم وقاتلوا حتى قتلوا ورموا رأس عاصم ليبيعوه من سلافة بنت سعد بن شهيد وكانت نذرت أن تشرب فيه الخمر لما قتل ابنيها من بنى عبد الدار يوم أحد فأرسل الله الدبر فحمت عاصما منهم فتركوه إلى الليل فجاء السيل فاحتمله وأما الآخرون فأسروهم وخرجوا بهم إلى مكة ولما كانوا بمر الظهران انتزع ابن طارق يده من القران وأخذ سيفه فرموه بالحجارة فمات وجاؤا بخبيب وزيد إلى مكة فباعوهما إلى قريش فقتلوهما صبرا (غزوة بئر معونة) وقدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم في صفر هذا ملاعب الأسنة أبو براء عامر بن مالك بن جعفر بن كلاب بن ربيعة ابن عامر بن صعصعة فدعاه إلى الاسلام فلم يسلم ولم يبعد وقال يا محمد لو بعثت رجالا من أصحابك إلى أهل نجد يدعونهم إلى أمرك رجوت أن يستجيبوا لك فقال انى أخاف عليهم فقال أبو براء أنا لهم جار فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم المنذر بن عمرو من بنى ساعدة في أربعين من المسلمين وقيل في سبعين منهم الحرث بن الصمة وحرام بن ملحان خال أنس وعامر بن فهيرة ونافع بن بديل بن ورقاء فنزلوا بئر معونة بين أرض بنى عامر
(٢٧)