تاريخ ابن خلدون - ابن خلدون - ج ٢ق٢ - الصفحة ٣٠
بالغدر والنيل من رسول الله صلى الله عليه وسلم فشاتمهم سعد بن معاذ وكانوا أحلافه وانصرفوا وكان صلى الله عليه وسلم قد أمرهم ان وجدوا الغدر حقا أن يخبروه تعريضا لئلا يفتوا في أعضاد الناس فلما جاؤوا إليه قالوا يا رسول الله عضل والقارة يريدون غدرهم بأصحاب الرجيع فعظم الامر وأحيط بالمسلمين من كل جهة وهم بالفشل بنو حارثة وبنو سلمة معتذرين بأن بيوتهم عورة خارج المدينة ثم ثبتهم الله ودام الحصار على المسلمين قريبا من شهر ولم تكن حرب ثم رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عيينة بن حصن والحرث بن عوف أن يرجعا ولهما ثلثا ثمار المدينة وشاور في ذلك سعد بن معاذ وسعد بن عبادة فأبيا وقالا يا رسول الله أشئ أمرك الله به فلا بد منه أم شئ تحبه فتصدقه فتصنعه لك أم شئ تصنعه لنا فقال بل أصنعه لكم انى رأيت أن العرب رمتكم عن قوس واحدة فقال سعد بن معاذ قد كنا معهم على الشرك والأوثان ولا يطمعون منا بثمرة الا شراء وبيعا فحين أكرمنا الله بالاسلام وأعزنا بك نعطيهم أموالنا والله لا نعطيهم الا السيف فصلب رسول الله صلى الله عليه وسلم وتمادى الامر وظهر فوارس من قريش إلى الخندق وفيهم عكرمة بن أبي جهل وعمرو بن عبد ود من بنى عامر بن لؤي وضرار بن الخطاب من بنى محارب فلما رأوا الخندق قالوا هذه مكيدة ما كانت العرب تعرفها ثم اقتحموا من مكان ضيق حتى جالت خيلهم بين الخندق وسلع ودعوا إلى البراز وقتل علي بن أبي طالب عمرو بن عبد ود ورجعوا إلى قومهم من حيث دخلوا ورمى في بعض تلك الأيام سعد بن معاذ بسهم فقطع عنه الأكحل يقال رماه حبان بن قيس بن العرقة وقيل أبو أسامة الجشمي حليف بنى مخزوم ويروى أنه لما أصيب جعل يدعو اللهم ان كنت أبقيت من حرب قريش شيئا فأبقني لها فلا قوم أحب إلى أن أجاهدهم من قوم آذوا رسولك وأخرجوه وإن كنت وضعت الحرب بيننا وبينهم فاجعلها إلى شهادة ولا تمتني حتى تقر عيني من بنى قريظة ثم اشتد الحال وأتى نعيم بن مسعود بن عامر بن أنيف بن ثعلبة بن قنفذ بن هلال بن خلاوة بن أشجع بن ريث بن غطفان فقال يا رسول الله انى أسلمت ولم يعلم قومي فمرني بما تشاء فقال أنما أنت رجل واحد فخذل عنا ان استطعت فان الحرب خدعة فخرج فأتى بنى قريظة وكان صديقهم في الجاهلية فنقم لهم في قريش وغطفان وانهم إن لم يكن الظفر لحقوا ببلادهم وتركوكم ولا تقدرون على التحول عن بلدكم ولا طاقة لكم بمحمد وأصحابه فاستوثقوا منهم برهن أبنائهم حتى يصابروا معكم ثم أتى أبا سفيان وقريشا فقال لهم ان اليهود قد ندموا وراسلوا محمدا في المواعدة على أن يسترهنوا أبناءكم ويدفعوهم إليه ثم أتى غطفان وقال لهم مثل ما قال لقريش فأرسل أبو سفيان وغطفان إلى بنى قريظة في ليلة سبت انا لسنا بدار مقام
(٣٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 ... » »»