تاريخ ابن خلدون - ابن خلدون - ج ٢ق٢ - الصفحة ٢٣
فقتله وصاح عدو الله صيحة شديدة انذعر لها أهل الحصون التي حواليه وأوقدوا النيران ونجا القوم وقد جرح منهم الحرث بن أوس ببعض سيوفهم فنزفه الدم وتأخر ثم وافاهم بحرة العريض آخر الليل وأتوا النبي صلى الله عليه وسلم وهو يصلى وأخبروه وتفل على جرح الحرث فبرأ وأذن للمسلمين في قتل اليهود لما بلغه أنهم خافوا من هذه الفعلة وأسلم حينئذ حويصة بن مسعود وقد كان أسلم قبله أخوه محيصة بسبب قتل بعضهم (غزوة بنى قينقاع) وكان بنو قينقاع لما انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم من بدر وقف بسوق بنى قينقاع في بعض الأيام فوعظهم وذكرهم ما يعرفون من أمره في كتابهم وحذرهم ما أصاب قريشا من البطشة فأساؤا الرد وقالوا لا يغرنك انك لقيت قوما لا يعرفون الحرب فأصبت منهم والله لئن جربتنا لتعلمن أنا نحن الناس فأنزل الله تعالى وإما تخافن من قوم خيانة فانبذ إليهم على سواء وقيل بل قتل مسلم يهوديا بسوقهم في حق فثاروا على المسلمين ونقضوا العهد ونزلت الآية فسار إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم واستعمل على المدينة بشير بن عبد المنذر وقيل أبا لبابة وكانوا في طرف المدينة في سبعمائة مقاتل منهم ثلثمائة دارع ولم يكن لهم زرع ولا نخل انما كانوا تجارا وصاغة يعملون بأموالهم وهم قوم عبد الله بن سلام فحصرهم عليه السلام خمس عشرة ليلة لا يكلم أحدا منهم حتى نزلوا على حكمه فكتفهم ليقتلوا فشفع فيهم عبد الله بن أبي ابن سلول وألح في الرغبة حتى حقن له رسول الله صلى الله عليه وسلم دماءهم ثم أمر باجلائهم وأخذ ما كان لهم من سلاح وضياع وأمر عبادة بن الصامت فمضى بهم إلى ظاهر ديارهم ولحقوا بخيبر وأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم الخمس من الغنائم وهو أول خمس أخذه ثم انصرف إلى المدينة وحضر الأضحى فصلى بالناس في الصحراء وذبح بيده شاتين ويقال أنهما أول أضحيته صلى الله عليه وسلم (سرية زيد بن حارثة إلى قردة) وكانت قريش من بعد بدر قد تخوفوا من اعتراض المسلمين عيرهم في طريق الشأم وصاروا يسلكون طريق العراق وخرج منهم تجار فيهم أبو سفيان بن حرب وصفوان بن أمية واستجاروا بفرات بن حيان من بكر بن وائل فخرج بهم في الشتاء وسلك بهم على طريق العراق وانتهى خبر العير إلى النبي صلى الله عليه وسلم وما فيها من المال وآنية الفضة فبعث زيد بن حارثة في سرية فاعترضهم وظفر بالعير واتى بفرات بن حيان العجلي أسيرا فتعوذ بالاسلام وأسلم وكان خمس هذه الغنيمة عشرين ألفا (قتل ابن أبي الحقيق) كان سلام بن أبي الحقيق هذا من يهود خيبر وكنيته أبو رافع وكان يؤذى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه ويحزب عليهم الأحزاب مثل أو قريبا من كعب بن الأشرف وكان الأوس والخزرج يتصاولان تصاول الفحلين في طاعة
(٢٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 ... » »»