أمره واجتمعت لذلك مشيختهم في دار الندوة عتبة وشيبة وأبو سفيان من بنى أمية وطعيمة بن عدى وجبير بن مطعم والحارث بن عامر من بنى نوفل والنضر بن الحارث من بنى عبد الدار وأبو جهل من بنى مخزوم ونبيه ومنبه ابنا الحجاج من بنى سهم وأمية بن خلف من بنى جمح ومعهم من لا يعد من قريش فتشاوروا في حبسه أو اخراجه عنهم ثم اتفقوا على أن يتخيروا من كل قبيلة منهم فتى شابا جلدا فيقتلونه جميعا فيتفرق دمه في القبائل ولا يقدر بنو عبد مناف على حرب جميعهم واستعدوا لذلك من ليلتهم وجاء الوحي بذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم فلما رآى أرصدهم على باب منزله أمر علي بن أبي طالب ان ينام على فراشه ويتوشح ببرده ثم خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم عليهم فطمس الله تعالى على ابصارهم ووضع على رؤسهم ترابا وأقاموا طول ليلهم فلما أصبحوا خرج إليهم على فعلموا أن النبي صلى الله عليه وسلم قد نجا وتواعد رسول الله صلى الله عليه وسلم مع أبي بكر الصديق واستأجر عبد الله بن أريقط الدولي من بنى بكر بن عبد منات ليدل بهما إلى المدينة وينكب عن الطريق العظمى وكان كافرا وحليفا للعاصي بن وائل لكنهما وثقا بامره وكان دليلا بالطرق وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من خوخة في ظهر دار بنت أبي بكر ليلا وأتيا الغار الذي في جبل ثور بأسفل مكة فدخلا فيه وكان عبد الله بن أبي بكر يأتيهما بالاخبار وعامر بن فهيرة مولى بنت أبي بكر وراعى غنمه يريح غنمه عليهما ليلا ليأخذا حاجتهما من لبنها وأسماء بنت أبي بكر تأتيهما بالطعام وتقفى عامرا بالغنم اثر عبد الله ولما فقدته قريش اتبعوه ومعهم القائف فقاف الأثر حتى وقف عند الغار وقال هنا انقطع الأثر وإذا بنسج العنكبوت على فم الغار فاطمأنوا إلى ذلك ورجعوا وجعلوا مائة ناقة لمن ردهما عليهم ثم أتاهما عبد الله بن أريقط بعد ثلاث براحلتهما فركبا وأردف أبو بكر عامر بن فهيرة وأتتهما أسماء بسفرة لهما وشقت نطاقها وربطت السفرة فسميت ذات النطاقين وحمل أبو بكر جميع ماله نحو ستة آلاف درهم ومروا بسراقة بن مالك بن جعشم فاتبعهم ليردهم ولما رأوه دعا عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فساخت قوائم فرسه في الأرض فنادى بالأمان وان يقفوا له وطلب من النبي أن يكتب له كتابا فكتبه أبو بكر بأمره وسلك الدليل من أسفل مكة على الساحل أسفل من عسفان وأمج وأجاز قديدا إلى العرج ثم إلى قبا من عوالي المدينة ووردوها قريبا من الزوال يوم الاثنين لاثنتي عشرة خلت من ربيع الأول وخرج الأنصار يتلقونه وقد كانوا ينتظرونه حتى إذا قلصت الظلال رجعوا إلى بيوتهم فتلقوه مع أبي بكر في ظل نخلة ونزل عليه السلام بقبا على سعد بن خيثمة وقيل على كلثوم بن الهدم ونزل أبو بكر بالسنخ في بنى الحرث بن خزرج على خبيب بن أسد
(١٥)