فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم عليا أن يمحوها فأبى وتناول هو الصحيفة بيده ومحا ذلك وكتب محمد بن عبد الله (ولا يقع في ذهنك من أمر هذه الكتابة ريب فإنها قد ثبتت في الصحيح وما يعترض في الوهم من أن كتابته قادحة في المعجزة فهو باطل لان هذه الكتابة إذا وقعت من غير معرفة بأوضاع الحروف ولا قوانين الخط واشكالها بقيت الأمية على ما كانت عليه وكانت هذه الكتابة الخاصة من احدى المعجزات انتهى ثم أتى أبو جندل بن سهيل يرسف في قيوده وكان قد أسلم فقال سهيل هذا أول ما نقاضي عليه فرده رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أبيه وعظم ذلك على المسلمين وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أبا جندل ان الله سيجعل له فرجا وبينما هم يكتبون الكتاب إذ جاءت سرية من جهة قريش قيل ما بين الثلاثين والأربعين يريدون الايقاع بالمسلمين فأخذتهم خيول المسلمين وجاؤا بهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعتقهم فإليهم ينسب العتقيون (ولما تم الصلح وكتابه) أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ينحروا ويحلقوا فتوقفوا فغضب حتى شكى إلى زوجته أم سلمة فقالت يا رسول الله اخرج وانحر واحلق فإنهم تابعوك فخرج ونحر وحلق رأسه حينئذ خراش بن أمية الخزاعي ثم رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة وما فتح من قبله فتح كان أعظم من هذا الفتح قال الزهري لما كان القتال حيث لا يلتقى الناس فلما كانت الهدنة ووضعت لحرب أوزارها وأمن الناس بعضهم بعضا فالتقوا وتفاوضوا في الحديث والمنازعة فلم يكلم أحد بالاسلام أحدا يفعل شيئا الا دخل عليه فلقد دخل في ذينك السنتين في الاسلام مثلما كان قبل ذلك أو أكثر (ولما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة لحقه أبو بصير عتبة بن أسيد بن جارية هاربا وكان قد أسلم وحبسه قومه بمكة وهو ثقفي من حلفاء بنى زهرة فبعث إليه الأزهر بن عبد عوف عم عبد الرحمن بن عوف والأخنس بن شريق سيد بنى زهرة رجلا من بنى عامر بن لؤي مع مولى لهم فأسلمه النبي صلى الله عليه وسلم فاحتملاه فلما نزلوا بذي الحليفة أخذ أبو بصير السيف من أحد الرجلين ثم ضرب به العامري فقتله وفر الآخر وأتى أبو بصير إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله قد وفت ذمتك وأطلقني الله فقال عليه السلام ويلمه (3) مسعر حرب لو كان له رجال ففطن أبو بصير من لحن هذا القول أنه سيرده وخرج إلى سيف البحر على طريق قريش إلى الشأم وانضاف إليه جمهور من يفر عن قريش ممن أراد الاسلام فآذوا قريشا وقطعوا على رفاقهم وسابلتهم فكتبوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم أن يضمهم بالمدينة ثم هاجرت أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط وجاء فيها أخواها عمارة والوليد فمنع الله من رد النساء وفسخ ذلك الشرط المكتتب ثم نسخت براءة ذلك كله وحرم الله حينئذ
(٣٥)