(صرف القبلة) ثم صرفت القبلة عن بيت المقدس إلى الكعبة على رأس سبعة عشر شهرا من مقدمه المدينة خطب بذلك على المنبر وسمعه بعض الأنصار فقام فصلى ركعتين إلى الكعبة قاله ابن حزم وقيل على رأس ثمانية عشر شهرا وقيل ستة عشر ولم يقل غير ذلك (بدر الثانية) فأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة إلى رمضان من السنة الثانية ثم بلغه ان عير القريش فيها أموال عظيمة مقبلة من الشام إلى مكة معها ثلاثون أو أربعون رجلا من قريش عميدهم أبو سفيان ومعه عمرو بن العاصي ومخرمة بن نوفل فندب عليه السلام المسلمين إلى هذه العير وأمر من كان ظهره حاضرا بالخروج ولم يحتفل في الحشد لأنه لم يظن قتالا واتصل خروجه بأبي سفيان فاستأجر ضمضم بن عمرو الغفاري وبعثه إلى أهل مكة يستنفرهم لعيرهم فنفروا وأرعبوا الا يسيرا منهم أبو لهب وخرج صلى الله عليه وسلم لثمان خلون من رمضان واستخلف على الصلاة عمرو بن أم مكتوم ورد أبا لبابة من الروحاء واستعمله على المدينة ودفع اللواء إلى معصب بن عمير ودفع إلى على راية والى رجل من الأنصار أخرى يقال كانتا سوداوين وكان مع أصحابه صلى الله عليه وسلم يومئذ سبعون بعيرا يعتقبونها فقط وجعل على الساقة قيس بن أبي صعصعة من بنى النجار وراية الأنصار يومئذ مع سعد بن معاذ فسلكوا نقب المدينة إلى ذي الحليفة ثم انتهوا إلى صخيرات يمام ثم إلى بئر الروحاء ثم رجعوا ذات اليمين عن الطريق إلى الصفراء (وبعث) عليه السلام قبلها بسبس بن عمرو الجهني حليف بنى ساعدة وعدي بن أبي الزغباء الجهني حليف بنى النجار إلى بدر يتجسسون أخبار أبى سفيان وغيره ثم تنكب عن الصفراء يمينا وخرج على وادى دقران فبلغه خروج قريش ونفيرهم فاستشار أصحابه فتكلم المهاجرون وأحسنوا وهو يريد ما يقوله الأنصار وفهموا ذلك فتكلم سعد بن معاذ وكان فيما قال لو استعرضت بنا هذا البحر لخضناه معك فسر بنا يا رسول الله على بركة الله فسر بذلك وقال سيروا وأبشروا فان الله قد وعدني احدى الطائفتين ثم ارتحلوا من دقران إلى قريب من بدر وبعث عليا والزبير وسعدا في نفر يلتمسون الخبر فأصابوا غلامين لقريش فأتوا بهما وهو عليه السلام قائم يصلى وقالوا نحن سقاة قريش فكذبوهما كراهية في الخبر ورجاء أن يكونا من العير للغنيمة وقلة المؤنة فجعلوا يضربونهما فيقولان نحن من العير فسلم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنكر عليهم وقال للغلامين أخبراني أين قريش فأخبراه أنهم وراء الكثيب وانهم ينحرون يوما عشرا من الإبل ويوما تسعا فقال عليه السلام القوم بين التسعمائة والألف وقد كان بسبس وعدي الجهنيان مضيا يتجسسان ولا خبر حتى نزلا وأناخا قرب الماء واستقيا في شن لهما ومجدي بن عمرو من جهينة بقربهما فسمع عدى جارية
(١٩)