تاريخ ابن خلدون - ابن خلدون - ج ٢ق٢ - الصفحة ٢٠
من جواري الحي تقول لصاحبتها العير تأتي غدا أو بعد غد وأعمل لهم وأقضيك الذي لك وجاءت إلى مجدي بن عمرو فصدقها فرجع بسبس وعدي بالخبر وجاء أبو سفيان بعدهما يتجسس الخبر فقال لمجدي هل أحسست أحدا فقال راكبين أناخا يميلان لهذا التل فاستقيا الماء ونهضا فأتى أبو سفيان مناخهما وفتت من أبعار رواحلهما فقال هذه والله علائف يثرب فرجع سريعا وقد حذر وتنكب بالعير إلى طريق الساحل فنجا وأوصى إلى قريش بانا قد نجونا بالعير فارجعوا فقال أبو جهل والله لا نرجع حتى نرد ماء بدر ونقيم به ثلاثا وتهابنا العرب أبدا ورجع الأخنس بن شريق بجميع بنى زهرة وكان حليفهم ومطاعا فيهم وقال انما خرجتم تمنعون أموالكم وقد نجت فارجعوا وكان بنو عدى لم ينفروا مع القوم فلم يشهد بدرا من قريش عدوى ولا زهري وسبق رسول الله صلى الله عليه وسلم قريشا إلى ماء بدر وثبطهم عنه مطر نزل وبله مما يليهم وأصاب مما يلي المسلمين دهس الوادي وأعانهم على السير فنزل عليه السلام على أدنى ماء من مياه بدر إلى المدينة فقال له الحباب بن المنذر بن عمرو بن الجموح آلله أنزلك بهذا المنزل فلا نتحول عنه أم قصدت الحرب والمكيدة فقال عليه السلام لا بل هو الرأي والحرب فقال يا رسول الله ليس هذا بمنزل وانما نأتي أدنى ماء من القوم فننزله ونبني عليه حوضا فنملؤه ونعور القلب كلها فنكون قد منعناهم الماء فاستحسنه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم بنوا له عريشا يكون فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى يأتيه من ربه النصر ومشى يريهم مصارع القوم واحدا واحدا ولما نزل قريش مما يليهم بعثوا عمير بن وهب الجمحي يحزر له أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانوا ثلثمائة وبضعة عشر رجلا فيهم فارسان الزبير والمقداد فحزرهم وانصرف وخبرهم الخبر ورام حكيم بن حزام وعتبة بن ربيعة أن يرجعا بقريش ولا يكون الحرب فأبى أبو جهل وساعده المشركون وتواقفت الفئتان وعدل رسول الله صلى الله عليه وسلم الصفوف بيده ورجع إلى العريش ومعه أبو بكر وحده وطفق يدعو ويلح وأبو بكر يقاوله ويقول في دعائه اللهم ان تهلك هذه العصابة لا تعبد في الأرض اللهم أنجز لي ما وعدتني وسعد بن معاذ وقوم معه من الأنصار على باب العريش يحمونه وأخفق رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم انتبه فقال أبشر يا أبا بكر فقد أتى نصر الله ثم خرج يحرض الناس ورمى في وجوه القوم بحفنة من حصى وهو يقول شاهت الوجوه ثم تزاحفوا فخرج عتبة وأخوه شيبة وابنه الوليد يطلبون البراز فخرج إليهم عبيدة بن الحرث وحمزة بن عبد المطلب وعلي بن أبي طالب فقتل حمزة وعلى شيبة والوليد وضرب عتبة عبيدة فقطع رجله فمات وجاء حمزة وعلى إلى عتبة فقتلاه وقد كان برز إليهم عوف ومعوذ ابنا عفراء وعبد الله بن رواحة من الأنصار فأبوا
(٢٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 ... » »»