فوات الوفيات - الكتبي - ج ٢ - الصفحة ٢٩٩
* أظل نجى الشوق لا نار لوعتي * تبوخ ولا شمل الأسى يتفرق * * وكم ليلة شاب الفؤاد بطولها * وما شاب للظلماء فود ومفرق * * وإن غيبتني غشية توهم الكرى * يواصل طيف الهم فيها ويطرق * * ويمزج ماء النيل عند وروده * بدمعي أشواق إليكم فأشرق * * فيا ليت شعري هل تلوح لمقلتي * منازل ظني باللقاء محقق * * وهل شائم برق الثنية ناظري * على القرب يخفى تارة ثم يخفق * * وهل بارد من ماء بأناس مبرد * لظى كبد حرى لها الشوق محرق * * وهل زمني بالصالحية عائد * يبلغني أقصى المنى ويحقق * * وهل يجمعني والأحبة موقف * لنشكو جميعا ما لقيت وما لقوا * * وهل لي إلى باب البريد وقد نأى * بريد به فيما يبلغ موثق * * دمشق أذاقتني الليال فراقها * وقد كنت أخشى منه قدما وأفرق * * هي الغرض الأقصى ورؤيتها المنى * وسكانها ودي لهم متوثق * * ولو لم تكن ذات العماد لما غدت * وليس لها مثل على الأرض يخلق * * حنيني إليها ما حييت مرجع * وقلبي أسير الشوق والدمع مطلق * * عليها تحياتي عواد روائح * بها الريح تجري والركائب تخفق * * لجامعها المعمور بالذكر بهجة * ومرأى يسر الناظرين ورونق * * محاسنه بكر الزمان فصرفه * علينا مدى الأيام حان ومشفق * * به زجل التسبيح عال يهيجه * حنين إلى ذاك الحمى وتشوق * * وللعلم فيه والعبادة معلم * جديد على مر الجديدين مونق * * وفيه لأرباب التلاوة لذة * إذا أخذوا في شأنهم وتحلقوا * * كأن مجاج النحل في لهواتهم * إذا رجعوا الأصوات فيها وأطلقوا * * وكم فيه من مثوى نبي ومشهد * بنسبته يسمو محلا ويسمق * * وكم قائم لله فيه تهجدا * بدعوته نكفي المخوف ونرزق * * مصابيحه تجلو الظلام كأنها * مصابيح في جو السماء تألق * * وقبته مأوى الهلال وبرجه * وفي كل أفق منه للحسن مشرق *
(٢٩٩)
مفاتيح البحث: دمشق (1)، الهلال (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 294 295 296 297 298 299 300 301 302 303 304 ... » »»