* وفي كنفي سطرى ومقرى معالم * تعلم أسباب الهوى كيف تعلق * * عليلة أنفاس النسيم رياضها * كأن سراها فأر مسك مفتق * * إذا ما تغنت في ذرا الدوح ورقها * غدا كل عود منه كالعود يخفق * * وإن جمشت أنهارها نسمة الصبا * تسلسل فيها ماؤها وهو مطلق * * جنيت بها ما شئت من ثمر المنى * وغازلني فيها الغزال المقرطق * * وفي بيت أبيات مصايد للنهي * خيول الهوى واللهو فيهن سبق * * فكم من كئيب نال فيها ترفقا * بمن كان لا يحنو ولا يترفق * * وكم من خلى لازم طوقه الهوى * ينوح كما ناح الحمام المطوق * * وفي ساحة الميدان أثواب سندس * لها بهجة تجلو العيون ورونق * * كأن شعاع الشمس في كل وجهة * يفر إذا الغزلان فيه تفرقوا * * من الترك لا عانيهم يبلغ المنى * ولا هو ممنون عليه فيعتق * * عيونهم المرضى ومرضى عهودهم * تؤكد أسباب الهوى وتوثق * * أكفهم ترمى ولا دم طائح * وألحاظهم تصمي القلوب وترشق * * إذا أرسلوا سود الذوائب خلتها * أساود تأبى أن تصاد فتعلق * * وبالجانب الشرقي واد جنانه * محاسنها من جنة الخلد تسرق * * تؤلف شمل الماء بعد شتاته * وتجمع شمل الأنس وهو مفرق * * ومن جسر جسرين إلى تل راهط * ظلال عنان الأنس فيهن مطلق * * فكم من غياض في رياض وجنة * بها كوثر من مائها يتدفق * * حدائقها لا ظلها قالص ولا * مجال خيول اللهو فيهن ضيق * * رعى الله من ودعت والوجد قابض * عنان لساني والمدامع تنطق * * وفارقتهم لا عن ملال ولا رضا * وغربت عنهم غير قال وشرقوا * * لئن حالت الأيام دون لقائهم * فما حال لي عهد ولا انحل موثق * * أجيراننا بالغوطتين عليكم * سلام مشوق قد براه التشوق * * له كل يوم ثوب وجد مجدد * وصبر كما شاءت نواكم ممزق * * أعاتب دهرا صرفه غير معتب * أصرف فيه كنز عمري وأنفق * * نأت بي ولم تسمع خطابي خطوبه * فدام زفيري والحنين المؤرق * * وبدلت عن تلك الظلال وطيبها * منازل صافي العيش منها مرنق *
(٢٩٨)