أنحر لك أحدهم. وحفر حتى وجد سيوفا، وسلاحا، وغزالا من ذهب مقرطا، مجزعا، ذهبا وفضة، فلما رأت قريش ذلك قالوا: يا أبا الحارث... (1) من فوق الأرض ومن تحتها، فأعطنا هذا المال الذي أعطاك الله، فإنها بئر أبينا إسماعيل، فأشركنا معك! فقال: اني لم أؤمر بالمال إنما أمرت بالماء، فأمهلوني! فلم يزل يحفر حتى بدا الماء، فكثر، ثم قال: بحرها لا تنزف، وبنى عليها حوضا وملأه ماء، ونادى: (هلم إلى الماء الروا، أعطيته على رغم العدا.) وكانت قريش تفسد ذلك الحوض وتكسره، فرأى في المنام: ان قم، فقل: اللهم! اني لا أحله لمغتسل، ولكن لشارب حل، فقام عبد المطلب، فقال ذلك، فلم يكن يفسد ذلك الحوض أحد إلا رمي بداء من ساعته، فتركوه.
ولما استقام له الماء دعا ستة قداح، فجعل لله قدحين أسودين، وجعل للكعبة قدحين أبيضين، وجعل لقريش قدحين أحمرين، ثم أخذها بيده، واستقبل الكعبة، ثم أفاض، وهو يقول:
يا رب أنت الأحد الفرد الصمد، * إن شئت ألهمت الصواب والرشد وزدت في المال، وأكثرت الولد، * إني مولاك على رغم معد ثم ضرب فخرج الأسودان لله، فقال قال ربكم: هو مالي، ثم أفاض، وهو يقول:
لهم أنت الملك المحمود، * وأنت ربي المبدئ المعيد من عندك الطارف والتليد، * إن شئت ألهمت بما تريد فخرج الأبيضان للكعبة، فقال: أخبرني ربي أن المال كله له، فحلى به الكعبة، وجعله صفائح على باب الكعبة، وكان أول من حلى الكعبة.
.