لهم قد أعطيتني سؤالي، * أكثرت بعد قلة عيالي فاجعل فداه اليوم جل مالي ثم ضرب بالقداح ثالثة، فخرجت على الإبل، فنحرها، ونادى مناديه:
الا فخذوا لحمها! وانصرف عنها، ووثب الناس يأخذونها، فلذلك يقول مرة بن خلف الفهمي:
كما قسمت نهبا ديات ابن هاشم * ببطحاء بسل حيث يعتصب البرك وصارت الدية من الإبل على ما سن عبد المطلب.
ولما قدم أبرهة ملك الحبشة صاحب الفيل مكة ليهدم الكعبة تهاربت قريش في رؤوس الجبال، فقال عبد المطلب: لو اجتمعنا، فدفعنا هذا الجيش عن بيت الله؟ فقالت قريش: لابد لنا به! فأقام عبد المطلب في الحرم، وقال:
لا أبرح من حرم الله، ولا أعوذ بغير الله، فأخذ أصحاب أبرهة إبلا لعبد المطلب، وصار عبد المطلب إلى أبرهة، فلما استأذن عليه قيل له: قد أتاك سيد العرب، وعظيم قريش، وشريف الناس، فلما دخل عليه أعظمه أبرهة، وجل في قلبه لما رأى من جماله، وكماله، ونبله، فقال لترجمانه: قل له:
سل ما بدا لك! فقال: إبلا لي أخذها أصحابك، فقال: لقد رأيتك، فأجللتك، وأعظمتك، وقد تراني حيث نهدم مكرمتك وشرفك، فلم تسألني الانصراف، وتكلمني في إبلك؟ فقال عبد المطلب: أنا رب هذه الإبل، ولهذا البيت الذي زعمت أنك تريد هدمه رب يمنعك منه. فرد الإبل، وداخله ذعر لكلام عبد المطلب، فلما انصرف جمع ولده ومن معه، ثم جاء إلى باب الكعبة، فتعلق به وقال:
لهم! إن تعف فإنهم عيالك.... (1) إلا فشئ ما بدا لك .