ولما رأت قريش ما أعطيه نفست ذلك عليه، فقالت: انا لشركاء معك لأنها بئر أبينا إسماعيل، فقال: هذا شئ خصصت به دونكم، فنافروه إلى كاهنة بني سعد، فقضت له عليهم.
وروى بعضهم أن ماء عبد المطلب نفد في الطريق ومياه القوم، فخافوا الهلكة، فقال عبد المطلب: ليحفر كل رجل منا لنفسه حفيرا، ثم ليقعد فيه، حتى يأتيه الموت، ففعلوا، ثم قال: ان إلقاءنا بأيدينا لعجز، فلو ركبنا وطلبنا الماء! فلما استوى على راحلته انفجرت تحت صدرها عين ماء، فقال:
ردوا الماء! فقالوا: لقد قضى لك الله علينا، ولا حاجة في أن نناوئك، فانصرفوا.
ولما رأت قريش أن عبد المطلب قد حاز الفخر طلبت أن يحالف بعضها بعضا ليعزوا، وكان أول من طلب ذلك بنو عبد الدار لما رأت حال عبد المطلب، فمشت بنو عبد الدار إلى بني سهم، فقالوا: امنعونا من بني عبد مناف! فلما رأى ذلك بنو عبد مناف اجتمعوا، خلا بني عبد شمس، فإن الزبيري قال:
لم يكن ولد عبد شمس في حلف المطيبين، ولا ولد عبد مناف، وإنما كان فيهم هاشم، وبنو المطلب، وبنو نوفل، وقال آخرون: كانت بنو عبد شمس معهم، فأخرجت لهم أم حكيم البيضاء بنت عبد المطلب طيبا في جفنة، ثم وضعتها في الحجر، فتطيب بنو عبد مناف، وأسد، وزهرة، وبنو تيم، وبنو الحارث بن فهر، فسموا حلف المطيبين، فلما سمعت بذلك بنو سهم ذبحوا بقرة، وقالوا: من أدخل يده في دمها ولعق منه، فهو منا! فأدخلت أيديها بنو سهم، وبنو عبد الدار، وبنو جمح، وبنو عدي، وبنو مخزوم، فسموا اللعقة، وكان تحالف المطيبين ألا يتخاذلوا، ولا يسلم بعضهم بعضا، وقالت اللعقة: قد أعتدنا لكل قبيلة قبيلة.
وكان عبد المطلب لما حفر زمزم صار إلى الطائف فاحتفر بها بئرا يقال لها ذو الهرم، فكان يأتي أحيانا، فيقيم بذلك الماء، فأتى مرة، فوجد به حيين من قيس عيلان، وهم بنو كلاب، وبنو الرباب، فقال عبد المطلب: الماء