العهد به. وكان ملك ذي نواس ثمانيا وستين سنة.
ودخل أرياط الحبشي اليمن، فأقام بها عدة سنين، ثم نازعه أبرهة الأشرم الامر، فافترقت الحبشة مع أرياط طائفة، ومع أبرهة طائفة، وخرجا للحرب، وسار كل واحد إلى صاحبه، فلما التقوا قال أبرهة لأرياط: ما نصنع يا أرياط بأن نقتل الناس بيني وبينك؟ أبرز إلي وأبرز إليك، فأينا أصاب صاحبه انصرف إليه جنده عنه! فبرز كل واحد إلى صاحبه، فضربه أرياط بالحربة، فشرم عينيه، وضربه غلام لأبرهة، فقتله، واجتمعت الحبشة باليمن على أبرهة، فلما بلغ النجاشي غضب، وحلف ليطأن أرضه برجله، أو ليجزن ناصيته!
فحلق أبرهة رأسه، وبعث بها إليه، وبجراب من تراب أرضه، وقال: إنما أنا عبدك، وأرياط عبدك، اختلفنا في أمرك، وكل طاعته لك، فرضي عنه.
وخرج سيف بن ذي يزن إلى قيصر يستجيش على الحبشة، فأقام قبله سبع سنين، ثم رده، وقال: هم قوم على دين النصرانية لا أحاربهم! فسار إلى كسرى، فوجه بأهل السجون، ووجه معهم رئيسا يقال له وهرز، فلما قدم البلد حارب الحبشة، فقتل أبرهة الحبشي، وغلب على البلد، ثم ملك سيف بن ذي يزن بن ذي أصبح، وسيف الذي يقول فيه أمية بن أبي الصلت:
لا يطلب الثأر إلا ابن ذي يزن، * أقام في البحر للأعداء أحوالا أتى هرقل، وقد شالت نعامته، * فلم يجد عنده الامر الذي قالا ثم انتحى نحو كسرى بعد سابعة * من السنين، لقد أبعدت ايغالا حتى أتى ببني الأحرار يقدمهم، * اذهب إليك، لقد أسرعت قلقالا وكانت ملوك اليمن يدينون بعبادة الأصنام في صدر من ملكهم، ثم دانوا بدين اليهود، وتلوا التوراة، وذلك أن أحبارا من اليهود صاروا إليهم، فعلموهم دين اليهودية، ولم يكونوا يتجاوزون اليمن إلا ان يغيروا على البلاد، ثم يرجعون إلى دار ملكهم.