ثم ملك وليعة بن مرثد تسعا وثلاثين سنة.
ثم ملك أبرهة بن الصباح، وكان من أحكم ملوك اليمن وأغلظهم، وكان ملكه ثلاثا وتسعين سنة.
ثم ملك عمرو بن ذي قيقان.
ثم ملك ذو الكلاع.
ثم ملك لخيعة ذو شناتر، فكان من أخبث ملوك حمير وأرداها، وكان يعمل عمل قوم لوط، يبعث إلى الغلام من أبناء الملوك، فيلعب به، ثم يتطلع في غرفة له، وفي فمه السواك، حتى بعث إلى ذي نواس بن أسعد ليلعب به، فدخل، ومعه سكين، فلما خلا به، وثب عليه ذو نواس، وقتله، وحز رأسه، وصيره في الموضع الذي يتطلع منه، فلما خرج صاح به من بالباب من الجيش: يا ذا نواس، لا بأس! فقال: البأس على صاحب الرأس!
فنظروا، فإذا به قد قتله، فملكوا ذا نواس. وكان ملك ذي شناتر سبعا وعشرين سنة.
وملك ذو نواس بن أسعد، وكان اسمه زرعة، فعتا، وهو صاحب الأخدود، وذلك أنه كان على دين اليهودية، وقدم اليمن رجل يقال له عبد الله بن الثامر، وكان على دين المسيح، فأظهر دينه باليمن، وكان إذا رأى العليل والسقيم قال:
أدعو الله لك حتى يشفيك، وترجع عن دين قومك! فيفعل ذلك، فكثر من اتبعه.
وبلغ ذا نواس، فجعل يطلب من قال بهذا الدين، ويحفر لهم في الأرض الأخدود، ويحرق بالنار، ويقتل بالسيف، حتى أتى عليهم، فسار رجل منهم إلى النجاشي، وهو على دين النصرانية، فوجه النجاشي إلى اليمن بجيش عليهم رجل يقال له أرياط، وهم في سبعين ألفا، ومع أرياط في جيشه أبرهة الأشرم، فسار إليه ذو نواس، فلما التقوا انهزم ذو نواس، فلما رأى ذو نوس افتراق قومه وانهزامهم ضرب فرسه، واقتحم به البحر، فكان آخر