والرائحة، والمجسة، والصوت، وانهما سميعان بصيران عالمان، وانه ما كان من خير ومنفعة، فهو من قبل النور، وما كان من ضرر وبلاء، فهو من قبل الظلمة، وانهما كانا غير ممتزجين، ثم امتزجا، والدليل على ذلك أنه لم تكن صورة ثم حدثت، وان الظلمة هي بدأت للنور بالممازجة، وانهما كانا متماسين على مثال الظل والشمس، والدليل على ذلك استحالة كون شئ لامن شئ، الدليل على أن الظلمة بدأت للنور بالممازجة، انه لما كانت مخالطة الظلام للنور مفسدة له كان محالا أن يكون النور بدأها لان النور من شأنه الخير.
والدليل على أنهما اثنان قديمان خير وشر انه لما وجدت المادة الواحدة لا يكون منها فعلان مختلفان مثل النار الحارة المحرقة لا يكون منها التبريد، والذي يكون منه التبريد لا يكون منه التسخين، فذلك الذي يكون منه الخير لا يكون منه الشر، والذي يكون منه الشر لا يكون منه الخير.
والدليل على أنهما حيان فاعلان ان الخير تثبت له فعلا، والشر تثبت له فعلا.
فأجابه سابور إلى هذه المقالة، وأخذ بها أهل مملكته، فعظم ذلك عليهم، فاجتمع حكماء أهل مملكته ليصدوه عن ذلك، فلم يفعل.
ووضع ماني كتبا يثبت بها الاثنين، ومما وضع كتابه الذي يسميه كنز الاحياء يصف ما في النفس من الخلاص النوري والفساد الظلمي، وينسب الافعال الردية إلى الظلمة.
وكتاب يسميه الشابرقان يصف فيه النفس الخالصة والمختلطة بالشياطين، والعلل، ويجعل الفلك مسطوحا، ويقول: ان العلم على جبل مائل يدور عليه الفلك العلوي.
وكتاب يسميه كتاب الهدى والتدبير، واثنا عشر إنجيلا يسمي كل إنجيل منها بحرف من الحروف، ويذكر الصلاة وما ينبغي أن يستعمل لخلاص الروح.