ابن فيروز، وكان صغير السن، فترك لسوخرا تدبير المملكة، فلما بلغ وصار في حد الرجال لم يرض بتدبير سوخرا، فقتله، وقدم مهران، ثم إن الفرس أزالت قباذ عن ملكه، وحبسته، وملكت أخاه جامسب بن فيروز، فأقام قباذ في الحبس، وأخوه الملك.
ثم إن أختا لقباذ دخلت الحبس، فتعرض لها صاحب الحبس، وأطمعته في نفسها، وقالت إنها طامث، ثم دخلت، فأقامت عند قباذ يوما، ثم لفته في بساط، وأخرجته على عنق غلام جلد، فهرب قباذ يريد ملك الهياطلة، فلما صار بأبرشهر نزل برجل، فأقام عنده، ثم سأله أن يطلب له امرأة، فأتاه بجارية، فوقع عليها، وأعجبه حسنها وجمالها، ثم مضى إلى ملك الهياطلة، فأقام عنده سنة، ثم بعث معه جيشا، فلما رجع بأبرشهر قال للرجل الذي نزل عنده: ما فعلت تلك الجارية؟ فأتي بها، وقد ولدت صبيا كأحسن ما يكون من الصبيان، فسماه كسرى أنوشروان.
وزحف قباذ إلى بلاده، فغلب على الملك، وقوي أمره، واشتدت شوكته، وغزا بلاد الروم، وكور الكور والطساسيج، وعقد لابنه أنوشروان الملك، ودعاه، فأوصاه بأحسن الوصية وعرفه كل ما يحتاج إليه. وكان ملك قباذ ثلاثا وأربعين سنة.
ثم ملك أنوشروان بن قباذ، فكتب إلى أهل مملكته يذكر لهم وفاة قباذ، ويعدهم من نفسه خيرا، ويأمرهم بما لهم فيه الحظ، ويوعز إليهم في الطاعة والمناصحة، وعفا عن قوم كانوا يتحملون عليه، وقتل مزدق الذي كان أمر الناس بأن يتساووا في الأموال والحرم، وقتل زراذشت بن خركان لما ابتدع في المجوسية، وقتل أصحابهما، وقدم أهل المملكة والشرف، وغزا بلدانا عدة مما لم يكن في مملكة الفرس، فضمها إلى ملكه.
وجرى بينه وبين يخطيانوس ملك الروم.... (1)، فغزا أنوشروان بلاد .