خرج من عندها ونمى الخبر إلى أم ولده إلى ابنيها عبد الله وسليمان (1) فأتيا أباهما فذكر له الذي بلغهما من ذلك فوجدا رأيه عليه، وأخبرهما أنه فاعل، فعظما عليه وذكراه الله تعالى والإسلام والحق، فأبى وقال (2): ليست أمكما عندي كخولة ولا أنتما عندي كولدها، فلما أعياهما انطلقا إلى خولة وكلماها وقالا لها: إنك لم تسحر بي وإنما الذي بك داء من الأدواء التي تعرض للناس، وهذا من / قول النساء وقول من لا رأي له ولا عقل، فاتقي (3) الله وكفي عنا / 236 ولا تحملي أبانا على ما لا ينبغي أن يركبنا به، فقالت لهما: أمكما سحرتني وقد كنت أظن ثم حقق ظني ما أتيت به من الخبر، فانصرفا عنها وأتيا إخوتهما فذكرا لهم ما قال أبوهما وما قالت خولة وسألاهم (4) أن يكفوهما عما هما عليه من سوء رأيهما، فقال محمد وهو ابن خولة: ما يأمرنا أبونا وأمنا بشئ حسن ولا اقبيح إلا أطعناهما فيه، وتابعه إخوته الآخرون صخر وصخير وعبد الرحمن على قوله وكانوا على مثل رأيه، وأما حميد فكان غائبا بالعراق، فأغلظا لهم القول وقالا (5): إن كنا (6) عذرنا شيخا كبيرا أو امرأة كبيرة سقيمة سفيهة لرأيهما (7) رأي النساء فما عذركم عندنا، والله لا يكون هذا أبدا حتى نقتل ووالله لا نقتل حتى يقتل بعضكم فلا تبقوا إلا على أنفسكم، ونشب الشر بين بني أبي الجهم وشغلوا عن الناس وصار بأسهم بينهم، وخرج عبد الله وسليمان ابنا أبي الجهم فأتيا عبد الله بن عمر بن الخطاب فقصا عليه القصة وسألاه أن يمنعهما وينصرهما، فقال: سبحان الله! هذا أمر لا يكون، منع الإسلام هذا ونحوه، فجعلا يعيدان عليه الحديث فيخبرانه بما قالا وقيل لهما،
(٢٩٩)