رضي الله عنه فدعا العبيد اليه وقال ما هذا الفساد فقالوا أيها الأمير ان الأحطاب متباعدة منا وهذه الأشجار قريبة فقال الأمير أبو عبيدة عزيمة مني على كل حر وعبد قطع شجرة لها طعم وثمر لاجازينه ولانكلن به فلما سمع العبيد ذلك النكال جعلوا يأتون بالاحطاب من أقصى الديار قال سعيد بن عامر وكان معي عبد نجيب وكان اسمه مهجعا وقد شهد معي الوقائع والحروب وكان جريء القلب في القتال وكان إذا خرج في غارة أو في طلب حطب يتوغل ويبعد فخرج هو وجماعة من العبيد ممن شهد الوقائع في طلب الحطب فأبطأ خبره على سيده سعيد بن عامر فركب جواده وخرج في طلبه وجعل يقفو اثره وإذا لاح له شخص وقد سال دمه على وجهه وصبغ سائر جسده وما كاد يمشي خطوة واحدة الا ويهوي على وجهه قال سعيد بن عامر فنزلت اليه وقلت له ما وراءك من الاخبار فقال هلكة ودمار يا مولاي فقلت عليك يا ابن الأسود حدثني بخبرك قال سعيد فلم يكد يقف حتى سقط على وجهه فنضحت على وجهه ماء فسكن ما به فقال يا مولاي انج بنفسك والا أدركك القوم يصنعون بك مثل ما صنعوا بي فقلت ما القوم الذين صنعوا بك ما أرى فقال خرجت يا مولاي انا وجماعة من الموالي لنحطتب حطبا فتباعدنا كثيرا في البر وإذا نحن بكتيبة من الخيل زهاء عن الف فارس كلهم عرب وفي أعناقهم صلبان الذهب والفضة وهم معتقلون بالذهب والفضة والرماح فلما نظروا الينا اسرعوا نحونا وداروا بنا وعزموا على قتلنا فقلت لأصحابي دونكم وإياهم فقالوا ويحك ومن يقاتل وليس لنا طاقة بقتال هذه الكتيبة والخيل وما لنا الا ان نلقي بأيدينا إلى الأسر فهو أهون من القتال فقلت لا والله ما سلمت نفسي إليهم دون ان أقاتل قتالا شديدا فلما رأوا مني الجد فعلوا مثل فعلي فقاتلنا القوم وقاتلونا فقتلوا منا عشرة وأسروا عشرة وأما انا فأثخنت بالجراح حتى سقطت على وجهي فرجعوا عني وبقيت كما ترى قال سعيد بن عامر الأنصاري فغمني والله ما نزل بالعبيد فأردفته ورائي ورجعت على اثري وإذا بالخيل قد طلعت من ورائي كأنها الريح الهبوب أو الماء إذا اندفق من ضيق الأنبوب وإذا بخيل غسان أحدقت بالرماح الطوال وهم
(١١٩)