قال الواقدي حدثنا عامر قال كنا في بعض الغارات إذ نظرنا إلى العمود وعليه صورة الملك هرقل فجئنا عنده وجعلنا نجول حوله بخيولنا ونعلمها الكر والفر وكان بيد أبي جندلة قناة تامة فقرب به الجواد من الصورة وهو غير متعمد ذلك ففقأ عين الصورة وكان عندها قوم من الروم وهم غلمان صاحب قنسرين يحفظون العمود فرجعوا إلى البطريق وأعلموه بذلك فغضب غضبا شديدا ودفع صليبا من الذهب إلى بعض أصحابه وضم اليه ألف فارس من أعلاج الروم وعليهم الديباج الرومي وعليهم المناطق المجوفة وأمر إصطخر ان يسير معهم وقال له ارجع إلى أمير العرب وقل له غدرتم بنا ولم توفوا بذمامكم ومن غدر جندل فأخذ إصطخر الصليب وسار مع الف فارس من الروم حتى اشرف على أبي عبيدة رضي الله عنه فلما نظر المسلمون إلى الصليب وهو مرفوع اسرعوا اليه ونكسوه فاستقبل أبو عبيدة القوم وقال من أنتم قال إصطخر انا رسول صاحب قنسرين إليك وهو يقول لك غدرتم ونقضتم العهد الذي بيننا وبينكم فقال أبو عبيدة رضي الله عنه وحق رسول الله صلى الله عليه وسلم ما علمت بذلك وسوف اسأل عنه ثم نادى يا معاشر الناس من فقأ عين التمثال فليخبرنا بذلك فقالوا أيها الأمير أبو جندلة وسهل بن عمرو صنعا ذلك من غير أن يتعمداه فقال أبو عبيدة رضي الله عنه لاصطخر ان صاحبنا فعل ذلك من غير أن يتعمد فما الذي يرضيك منا فقالت الاعلاج لا نرضى حتى تفقأ عين ملككم يريدون بذلك ان يتطرقوا إلى رقاب المسلمين فقال أبو عبيدة رضي الله عنه ها أنا فاصنعوا بي مثل ما صنع بصورتكم قالوا لا نرضى بذلك الا بعين ملككم الأكبر الذي يلي امر العرب كلها فقال ان عين ملكنا تمنع من ذلك قال الواقدي وغضب المسلمين حين ذكر الاعلاج عين عمر بن الخطاب رضي الله عنه وهموا بقتل الاعلاج فنهاهم أبو عبيدة رضي الله عنه عن ذلك فقال المسلمون أيها الأمير نحن دون امامنا فنفديه بأنفسنا ونفقأ عيوننا دون عينه فقال إصطخر عندما نظر إلى المسلمين وقد هموا بقتله وقتل من معه من الاعلاج لا نفقا عين عمر ولا عيونكم ولكن نصور صورة أميركم على عمود
(١١٦)