الحرب مواعدة من غير أن يكون صلحا سنة كاملة فان لحق بكم جيش هذه السنة من الملك هرقل فلا بد من قتاله فمن أقام في المدينة ولم يقاتل مع الجيش فهو على صلحنا لا نتعرض له قال إصطخر قد أجبناكم إلى ذلك فاكتبوا لنا كتابا بذلك فقال خالد بن الوليد رضي الله عنه أيها الأمير اكتب لهم كتابا بمواعدة الحرب سنة كاملة أولها مستهل شهر ذي القعدة سنة اربع عشرة من الهجرة النبوية قال فكتب له أبو عبيدة رضي الله عنه بذلك فلما فرغ من الكتاب قال له إصطخر أيها الأمير حد بلادنا معروف وبازائنا صاحب حلب وبلاده بحد بلادنا ونريد ان تجعل لنا علامة فيما بيننا وبينكم حتى إذا طلب أصحابكم الغارة لا يتجاوزون ذلك قال الواقدي فرضني أبو عبيدة رضي الله عنه بذلك وقال انا ابعث من يحدد لكم ذلك قال إصطخر أيها الأمير ما نريد معنا أحدا من أصحابك نحن نصنع عمودا وننصحه ويكون عليه صورة الملك هرقل فإذا رآه أصحابك لا يجاوزنه فقال أبو عبيدة رضي الله عنه افعل ذلك ثم دفع اليه الكتاب ونادى في عساكر المسلمين وأصحاب الغارات من نظر إلى عمود فلا يتعداه ولا يتجاوزه بل يشن الغارة على ارض حلب وحدها ولا يتجاوز العمود فليبلغ الشاهد الغائب قال الواقدي ورجع إصطخر إلى بطريق قنسرين واعلمه بما جرى له مع خالد بن الوليد رضي الله عنه ودفع له الكتاب ففرح بذلك وقصد إلى عمود عظيم وصنع عليه صورة الملك هرقل كأنه جالس على كرسي مملكته قال الواقدي وكانت خيل المسلمين تضرب غارتها إلى أقصى بلاد حلب والعمق وأنطاكية ويحيدون عن حد قنسرين والعواصم الا يقربون العمود قال عمر بن عبد الله الغبري عن سالم بن قيس عن أبيه سعد بن عبادة رضي الله عنه قال كان صلح المسلمين لأهل قنسرين والعواصم على أربعة آلاف دينار ملكية ومائة أوقية من الفضة والف ثوب من متاع حلب والف وسق من طعام
(١١٥)