القلنسوة المباركة وقد نسيها فأخذتها وأسرعت اليه كما ترى فقال أبو عبيدة لله درك يا أم تميم سيري على بركة الله وعونه قالت أم تميم كنت في جماعة نسوة من مذحج وغيرهم من نساء العرب والخيل تطير بنا طيرا حتى أشرفنا على الغبرة والقتال ونظرنا الأسنة والصوارم تلوح في القتال كأنها الكواكب وما للمسلمين حس يسمع قالت فأنكرنا ذلك وقلنا إن القوم قد وقع بهم عدوهم فعند ذلك كبر الأمير أبو عبيدة رضي الله عنه وحمل وحملت المسلمون قال رافع بن عميرة فبينما نحن قد أيسنا من أنفسنا إذ سمعنا التهليل والتكبير فلم تكن الا ساعة حتى أحاط جيش المسلمين بعسكر الكافرين ووضعوا السيوف من كل جانب وعلت الأصوات وارتفعت الزعقات قال مصعب بن محارب اليشكري فرأيت عبدة الصلبان وهم هاربون ورأيت خالد بن الوليد رضي الله عنه وهو ثابت في سرجه متشوف إلى الأصوات من اين هي وإذا بفارس قد خرج من الغبار وهو يسوق فرسان الروم بين يديه ويهربون منه حتى أزاح من حولنا الكتائب والرجال فأسرع خالد بن الوليد اليه وقال من أنت أيها الفارس الهمام والبطل الضرغام فقالت انا زوجتك أم تميم يا أبا سليمان وقد أتيتك بالقلنسوة المباركة التي تنصر بها على أعدائك فخذها إليك فوالله ما نسيتها الا لهذا الامر المقدر ثم سلمتها اليه فلمع من ذؤابة رسول الله صلى الله عليه وسلم نور كالبرق الخاطف قال الواقدي وعيش عاش فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم ما وضع خالد القلنسوة على رأسه وحمل على الروم الا قلب أوائلهم على اواخرهم وحملت المسلمون حملة عظيمة فما كان غير بعيد حتى ولت الروم الادبار وركنوا إلى الفرار ولم يكن في القوم الا قتيل وجريح وأسير وكان جبلة أول من انهزم والعرب المتنصرة اثره فلما رجع المسلمون من اتباعهم اجتمعوا حول راية الأمير أبي عبيدة رضي الله عنه وأتباعه وسلموا على الأمير أبي عبيدة رضي الله عنه وعن المسلمين وشكروا الله على سلامتهم ونظر أبو عبيدة رضي الله عنه إلى خالد بن الوليد وأصحابه وهم كأنهم قطعة ارجوان فصافحه وهنأه بالسلامة وقال لله درك يا أبا سليمان قد أشفيت الغليل وأرضيت الملك الجليل ثم قال الأمير أبو عبيدة رضي الله عنه يا معاشر الناس قد رأيت أن نسير من وقتنا هذا ونغير على قنسرين والعواصم ونقتل الرجال وننهب الأموال فقال المسلمون نعم ما رأيت يا امين الأمة قال الواقدي فانتخب أبو عبيدة رضي الله عنه فرسانا فجعلهم في المقدمة عياض بن غانم الأشعري وساروا حتى أشرفوا على قنسرين والعواصم فقال لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم شنوا الغارات فشنوا الغارات عليهم وسبوا الذراري وقتلوا الرجال فلما نظر أهل قنسرين إلى ذلك غلقوا مدينتهم وأذعنوا بالصلح وأداء الجزية فأجابهم أبو عبيدة رضي الله عنه إلى ذلك وكتب لهم كتاب الصلح وفرض على كل رأس منهم أربعة دنانير وبذلك أمره عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال الواقدي لما فتح أبو عبيدة رضي الله عنه قنسرين والعواصم قال لأصحاب
(١٣٠)