الله تعالى شرفا فلما سمع جبلة كلام خالد بن الوليد غضب غضبا شديدا إذ لم يفكر فيه ولا فيمن معه فقال جبلة يا فتى أنت أمير هؤلاء العرب فقال خالد لست أميرهم بل أخوهم في الاسلام وهم اخواني المؤمنون فقال جبلة من أنت من أصحاب محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم فقال خالدا انا المعروف بكبش بني مخزوم انا خالد بن الوليد صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا الرجل الذي عن يميني هو عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق رضي الله عنه وهذا الذي عن شمالي من أهل اليمن من كرام طيء وهو رافع بن عميرة الطائي صهري وفؤادي وذلك اني اخذت من كل قبيلة شجاعها المعروف وبطلها الموصوف فلا تزدر بقتلنا ولا تفرح بكثرتهم فما أنتم في القتال الا كطيور وقع عليها صائدها وهي كامنة في أوكارها فألقى القانص الشبكة عليها فما انفلت منها الا النجيب قال الواقدي فزاد غضب جبلة من كلام خالد وقال له ستعلم ان كلامك عليك ميشوم إذا دارت بك الأسنة وبقيت أنت ومن معك طعاما للوحوش في هذه الفلاة تمزقكم بكرة وعشيا فقال له خالد ذلك لا يكثر علينا وهو سهل لدينا فأنت من العرب التي قد نسبت لعبادة الصليب فقال انا سيد بني غسان ومن ملوك همدان انا ملك غسان وتاجها انا جبلة بن الأيهم فقال أنت المرتد عن دين الاسلام ومن اختار الضلالة على الهدى وسلك سبيل الغي وصل وغوى فقال جبلة لست كذلك انا الذي اخترت العز على الذل والهوان فقال خالد فإنك على ذل نفسك حريص وانما الكرامة غدا في دار البقاء والبعد عن دار الشقاء فقال جبلة يا أخا بني مخزوم لا تفرط علينا في المقال فإنما بقائي عليك وعلى أصحابك بسبب هذا الأسير الذي في يدك لأني أخاف ان حملت عليكم قتلته وهو معظم عند الملك هرقل وقريب عنده في النسب فأطلقه من يدك حتى أجود عليكم بأنفسكم فقال خالد اما أسيري فلا أطلقه من يدي حتى اقتله ولا أبالي لما صنع بي بعده واما قولك تحمل علي وعلى من معي بهذه الجموع فما أنصفت في المقال فإذا أردت النصفة في القتال فجمعكم عظيم وعددكم كثير ونحن عشرة رجال وقد فارس وهذا أميركم فان قتلتمونا فقد خلصتم اسيركم وان اظفرنا الله أحدقت بنا أعنت خيولكم وأسنة رماحكم وطيال سيوفكم فابرزوا فارسا بكم وما النصر الا من عند الله فما يعظم عليكم هلاك اسيركم إذا هلكت أنفسكم قبله
(١٢٦)