قال الواقدي ففرض على كل واحد أربعة دنانير وبذلك كتب إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه فعند ذلك رد عليهم أموالهم وأولادهم وأقرهم على بلادهم وكتب أسماءهم وأمرهم بالرجوع إلى أوطانهم فلما استقروا في خيامهم أخبروا من كان بالقرب منهم بحسن سيرة العرب وما عاملوهم به من الجميل وقالوا لقد ظننا انهم يقتلوننا ويستعبدون أولادنا والآن قد رحمونا وأقرونا في بلادنا على أداء الجزية والخراج قال الواقدي فسمعت الروم ذلك فأقبلوا إلى أبي عبيدة رضي الله عنه في طلب الأمان وأداء الجزية والخراج ذكر فتح قنسرين قال الواقدي وبلغ الخبر إلى أهل قنسرين ان الأمير أبا عبيدة يعطي الأمان من قصده فأحبوا ان يأخذوا الأمان من أبي عبيدة رضي الله عنه واجمعوا رأيهم على ذلك وان ينفذوا رسولا من غير علم بطريقهم قال الواقدي وكان على قنسرين والعواصم بطريق من بطارقة الملك من أهل الشدة والبأس وكان أهل قنسرين يخافون منه وكان اسمه لوقا وصاحب حلب عسكره مثل عسكره وسطوته مثل سطوته وكان الملك هرقل قد دعا بهما اليه فقالا له أيها الملك ما كنا نترك ملكنا من غير أن نقاتل قتالا شديدا فشكرهما الملك هرقل على ذلك ووعدهما ان يبعث اليهما جيشا عرمرميا وكانا منتظرين ذلك من وعد الملك لهما وكان مع كل واحد منهما عشرة آلاف فارس الا انهما لا يجتمعان في موضع واحد قال فلما سمع صاحب قنسرين ما قد عزم عليه أهل قنسرين من الصلح مع أبي عبيدة غضب غضبا شديدا وعزم ان يمكر بهم فجمع أهل قنسرين اليه وقال لهم يا بني الأصفر ما تريدون ان اصنع مع هؤلاء العرب وكأنكم بهم وقد اقبلوا الينا يفتحون بلادنا كما فتحو أكثر بلاد الشام فقالوا أيها السيد قد بلغنا انهم أصحاب وفاء وذمة وقد فتحوا أكثر البلاد بالصلح والعدل ومن قاتلهم قاتلوه واستعبدوا أهله وأولاده ومن دخل تحت طاعتهم اقروه في بلده وكان آمنا من سطوتهم والرأي عندنا ان نصالح القوم ونكون آمنين على أنفسهم وأموالنا فقال لهم البطريق لقد أشرتم بالصواب والامر الذي لا يعاب لان هؤلاء العرب قوم منصورون على من قاتلهم وها أنا اعقد لكم الصلح معهم سنة كاملة إلى أن توافينا جيوش الملك هرقل ونعطف عليهم وهم آمنون فنبيدهم عن آخرهم فقالوا افعلوا ما فيه الصلاح
(١١٣)