قال الواقدي فلما قرأ أبو عبيدة الكتاب في سره جهر به مرة أخرى ثم لوى يطلب حمص وكان خالد رضي الله عنه سبقه إليها بثلث الجيش فنزل عليها يوم الجمعة من شوال سنة اربع عشرة من الهجرة النبوية وكان عليها واليا بطريق من قبل هرقل اسمه لقيطا وكان قد مات قبل نزول خالد والمسلمين رضي الله عنهم أجمعين فاجتمع المشركون في كنيستهم العظمى وقال كبيرهم اعلموا ان صاحب الملك قد مات وليس عند الملك خبر من هؤلاء العرب وقد نزلوا علينا وما ظننا ذلك ولقد حسبنا انهم لا ينزلون علينا حتى يفتحوا جوسيه وبعلبك وان أنتم قاتلتوهم وكاتبتم الملك ان يسير إليكم واليا جيشا فان العرب لا تمكن أحدا من جنود الملك ان يسير إليكم ولا يصل لكم وليس عندكم طعام يقوم بكم للحصار فقالوا أيها السيد فما الذي ترى قال تصالحون القوم على ما أرادوا وتقولون نحن لكم وبين أيديكم ان فتحتم حلب وقنسرين وهزمتهم جيش الملك فإذا توجه القوم عنا بعثنا إلى الملك ان يمدنا بجيش عرمرم ويولي من أراد علينا ويستوثق لنا من الطعام والعدد وبعد ذلك نقاتلهم فاستصوب القوم رأيه وقالوا دبرنا بحسن رأيك وتدبيرك فبعث البطريق إلى أبي عبيدة رضي الله عنه جاثليقا كان عندهم معظما ليعقد الصلح بينهم وبين المسلمين فخرج الجاثليق ووصل إلى أبي عبيدة رضي الله عنه وتكلم في الصلح معه بما تحدث به البطريق من امر سير المسلمين إلى حلب وقنسرين والعواصم وأنطاكية فأجابهم أبو عبيدة رضي الله عنه إلى ذلك وصالح القوم وهم أهل حمص على عشرة آلاف دينار ومائتي ثوب من الديباج وعقد الصلح مع القوم سنة كاملة أولها ذو القعدة واخرها شوال سنة اربع عشرة من الهجرة قال وانبرم الصلح وخرجت السوقة من حمص إلى عسكر المسلمين فباعوا واشتروا ورأى أهل حمص سماحة العرب من بيعهم وشرائهم وربحوا منهم ربحا وافيا ذكر حديث سرية خالد بن الوليد رضي الله عنه قال الواقدي ان أبا عبيدة دعا بخالد وضم اليه أربعة آلاف فارس من لخم وجذام وطي ونبهان وكهلان وستس وخولان وقال يا أبا سليمان شن الغارة بهذه الكتيبة واقصد بها المعرة وأقرب من معرة حلب وشن بها الغارة على بلدة العواصم وارجع على اثرك ونفذ عيونك وانظر ان كان للقوم نجدة أو ناصر من قومهم أم لا فاجابه خالد إلى ذلك واخذ الراية و تقدم امام الكتيبة وجعل ينشد يقول
(١١١)