فتوح الشام - الواقدي - ج ١ - الصفحة ١٠٤
وسار يريد الشام ومعنا عشرون فارسا حتى اتينا تبوك فقال يا ابن أنيس أتدري موضع قبر أبي فقلت نعم فقال أشتهي ان أرى الموضع قال فما اتينا الموضع فأريته موضع مصرع أبيه وموضع الوقعة وقبر أبيه جعفر رحمه الله تعالى وعليه حجارة فلما نظر اليه نزل ونزلنا معه وبكى وترحم فأقمنا عنده إلى صبيحة اليوم الثاني فلما رحلنا رايت عبد الله يبكي ووجهه مثل الزعفران فسألته عن ذلك فقال رأيت أبي البارحة في النوم وعليه حلتان خضراوتان وتاج وله جناحان وبيده سيف مسلول اخضر فسلمه إلى وقال يا بنى قاتل به أعداءك فما وصلت إلى ما ترى الا بالجهاد وكأني أقاتل بالسيف حتى تثلم قال عبد الله بن أنيس وسرنا حتى اتينا عسكر أبي عبيدة رضي الله عنه بدمشق فبعثه أمير تلك السرية إلى دير أبي القدس قال عبد الله بن أنيس فلما رأيت بينه وبين الروم قلت يوشك ان يذهب عبد الله فسرت كالبرق ورجعت إلى أبي عبيدة رضي الله عنه فلما رآني قال أبشارة يا ابن أنيس أم لا فقلت انفذ المسلمين إلى نصرة عبد الله بن جعفر ومن معه ثم حدثته بالقصة فقال أبو عبيدة رضي الله عنه إنا لله وإنا إليه راجعون ايصاب عبد الله بن جعفر ومن معه تحت رأيتك يا أبا عبيدة وهي أول امارتك قال الواقدي ثم التفت خالد بن الوليد رضي الله عنه فقال له يا أبا سليمان سألتك بالله الحق عبد الله بن جعفر فأنت المعد لها فقال خالد انا لها ان شاء اله وما كنت انتظر الا ان تأمرني فقال أبو عبيدة رضي الله عنه استحيت منك يا أبا سليمان فقال والله لو امر علي طفل صغير لاطيعن له فكيف أخالفك وأنت اقدم مني ايمانا واسبق اسلاما سبقت باسلامك مع السابقين وسارعت بايمانك مع المسارعين وسماك رسول الله بالأمين فكيف ألحقك أو أنال درجتك والان أشهدك اني قد جعلت نفسي حبيسا في سبيل الله تعالى لا أخالفك ابدا ولا وليت امارة بعدها ابدا قال قال الواقدي فاستحسن المسلمون قوله فقال أبو عبيدة رضي الله عنه يا أبا سليمان الحق اخوانك رحمك الله قال فوثب خالد رضي الله عنه كأنه الأسد وسار إلى رحلة فأفرغ عليه درع مسيلمة الكذاب الذي سلبه منه يوم اليمامة والقى بيضة على رأسه واردفها قلنسوة وتقلد بحسامه وانصب في سرجه كأنه السيل ونادى بجيش الزحف هلموا إلى جزب السيوف فأجابوه مسرعين كأنهم العقبان وبادروا إلى طاعة الرحمن واخذ خالد الراية بيده وهزها على ركابه ودار به عسكر الزحف من كل جانب وودع المسلمون بعضهم بعضا وساروا وسار خالد وعبد الله بن أنيس يدلهم على الطريق قال رافع بن عميرة
(١٠٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 99 100 101 102 103 104 105 106 107 108 109 ... » »»