موضع برضوى وهو جبل، قال ابن حبيب: أيلة من رضوى وهو جبل ينبع بين مكة والمدينة، وهو غير المدينة المذكورة هذا لفظه، وأنشد غيره يقول:
من وحش أيلة موشي أكارعه والوحش لا ينسب إلى المدن.
وقال كثير:
رأيت، وأصحابي بأيلة، موهنا، وقد غار نجم الفرقد المتصوب لعزة نارا ما تبوخ، كأنها إذا ما رمقناها من البعد كوكب تعجب أصحابي لها، حين أوقدت، وللمصطليها آخر الليل أعجب إذا ما خبت من آخر الليل خبوة أعيد لها بالمندلي، فتثقب ومما يدل على أن أيلة جبل، قول كثير أيضا:
ولو بذلت أم الوليد حديثها لعصم برضوى، أصبحت تتقرب تهبطن من أركان ضاس وأيلة إليها، ولو أغرى بهن المكلب إيلياء: بكسر أوله واللام، وياء، وألف ممدودة:
اسم مدينة بيت المقدس، قيل: معناه بيت الله، وحكى الحفصي: فيه القصر وفيه لغة ثالثة، حذف الياء الأولى فيقال: إلياء بسكون اللام والمد، قال أبو علي: وقد سمي البيت المقدس إيلياء بقول الفرزدق:
وبيتان بيت الله نحن ولاته، وقصر بأعلى إيلياء مشرف فإيلياء: الهمزة في أولها فاء لتكون بمنزلة الجربياء والكبرياء، وتكون الكلمة ملحقة بطرمساء وجلخطاء وهي الأرض الحزن، والياء التي بعد الهمزة لا تخلو من أن تكون منقلبة من الهمزة أو من الواو، وقياس قول سيبويه أن تكون من الواو ولا تكون منقلبة من الهمزة على هذا القول، لان الهمزتين إذا لم تجتمعا حيث يكثر التضعيف نحو شددت ورددت، فإن لم تجتمعا حيث يقل التضعيف أجدر، ألا ترى أن باب ددن وكوكب من القلة بحيث لا نسبة له إلى باب رددت ولم تجتمع الهمزتان فيه كما اجتمع سائر حروف الحلق في هذا الباب في قلة مهاه والبعاع والبعة ولج وسج ونج، وإن جعلتها من الياء كأن من لفظة قولهم في اسم البلد أيلة، هذا إن كان فعلة، وإن كان مثل ميتة أمكن أن تكون من الواو، ومما جاء على لفظة من ألفاظ العرب الإيل، وهو فعل مثل الهيخ في الزنة، وكون العين ياء ومن بنائه الامر ولد الضائن والقنف، وقالوا للبراق الإلق، وللقصير دنب، ومجئ البناء في الاسم والصفة يدل على قوته، فان قيل: هل يجوز أن تكون إيليا إفعلاء فتكون الهمزة ليست بأصل كما كانت أصلا في الوجه الأول؟ فالقول في ذلك: إنا لا نعلم هذا الوزن جاء في شئ وإذا لم يجئ في شئ لم يسع حمل الكلمة عليه، ولو جاء منه شئ لأمكن أن تكون الياء الأولى منقلبة عن الواو أو منقلبة عن الهمزة كالايمان ونحوه، ولم يجز أن يكون انقلابها عن الياء لأنه لم يجئ من نحو سلس في الياء إلا يديت وأيديت، وقيل: إنما سميت إيلياء باسم بانيها وهو إيلياء بن إرم بن سام بن نوح، عليه السلام، وهو أخو دمشق وحمص وأردن وفلسطين، قال بعض الاعراب:
فلو أن طيرا كلفت مثل سيره، إلى واسط، من إيلياء لكلت