بقية يومهم، حتى أتاهم سواد الليل فيه يراوغونا يقول بصير هم، لما أتاهم بأن القوم ولوا هاربينا:
أألفا مؤمن فيما زعمتم، ويقتلهم بآسك أربعونا؟
كذبتم ليس ذاك كما زعمتم، ولكن الخوارج مؤمنونا هم الفئة القليلة، غير شك، على الفئة الكثيرة ينصرونا آسيا: بكسر السين المهملة وياء وألف مقصورة، كذا وجدته بخط أبي الريحان البيروني: كلمة يونانية.
قال أبو الريحان: كان اليونان يقسمون المعمور من الأرض بأقسام ثلاثة: لوبية، وأورفى، وقد ذكرا في موضعهما. ثم قال: وما استقبل هاتين القطعتين من المشرق يسمى آسيا، ووصف بالكبرى، لان رقعتها أضعاف الأخريين في السعة، ويحدها من جانب الغرب، النهر والخليج المذكوران الفاصلان إياها عن أورفى، ومن جهة الجنوب بحر اليمن والهند، ومن المشرق أقصى أرض الصين، ومن الشمال أقصى أرض الترك وأجناسهم.
وأصل هذه القسمة، من أهل مصر، وعليه بقيت عادتهم إلى الآن، فإنهم يسمون ما عن أيمانهم إذا استقبلوا الجنوب مغربا، وما عن شمائلهم مشرقا، وهو كذلك بالإضافة إليهم، إلا أنهم رفعوا الإضافة وأطلقوا الاسمين، فصار المشرق لذلك أضعاف المغرب، ولما اخترق بحر الروم قسم المغرب بالطول، سموا جنوبي القسمين لوبية، وشماليهما أورفى، وأما المشرق فتركوه على حاله قسما واحدا من أجل أنه لم يقسمه شئ كما قسم البحر المغرب، وبعدت ممالكه أيضا عنهم، فلم يظهر لهم ظهور المغربية حتى كانوا يعلنون تحديدها. ونسب جالينوس في تفسيره لكتاب الأهوية والبلدان هذه القسمة، إلى أسيوس.
هكذا حال القسمة الثلاثية أنها التي يظن بها أنها الأولى بعد الاجتماع، وذكر جالينوس في تربيعها أن من الناس من يقسم آسيا إلى قطعتين فتكون آسيا الصغرى، هي العراق وفارس والجبال وخراسان، وآسيا العظمى هي الهند والصين والترك. وحكي عن أروذ طس أنه قسم المعمورة إلى: أورفى، ولوبية، وناحية مصر، وآسيا، وهو قريب مما تقدم. والأرض بالممالك، منقسمة بالأرباع، فقد كان يذكر كبارها فيما مضى، أعني: مملكة فارس، ومملكة الروم، ومملكة الهند، ومملكة الترك، وسائرها تابعة لها.
آشب: بشين معجمة وباء موحدة: صقع من ناحية طالقان الري، كان الفضل بن يحيى نزله، وهو شديد البرد عظيم الثلوج عن نصر. وآشب، بكسر الشين، كانت من أجل قلاع الهكارية ببلاد الموصل، خربها زنكي بن آق سنقر، وبنى عوضها العمادية بالقرب منها، فنسبت إليه كما نذكره في العمادية.
آغزون: الغين معجمة ساكنة يلتقي معها ساكنان والزاي معجمة مضمومة والواو ساكنة ونون: من قرى بخارى، ينسب إليها أبو عبد الله عبد الواحد بن محمد بن عبد الله بن أيمن بن عبد الله بن مرة بن الأحنف بن قيس التميمي الآغزوني.
هكذا ذكره أبو سعد، وقد خلط في هذه الترجمة في عدة مواضع، فذكرها تارة الآغزوني كما ههنا، وتارة الأغذوني بالذال المعجمة من غير مد، وتارة