ابنه يحيى بن تميم حتى مات سنة 509، ووليها ابنه علي بن يحيى إلى أن مات سنة 515، ووليها ابنه الحسن بن علي، وفي أيامه أنفذ رجار صاحب صقلية من ملك المهدية فخرج الحسن منها ولحق بعبد المؤمن ابن علي، وملك الإفرنج بلاد إفريقية، وذلك في سنة 543، وانتقضت دولتهم، وقد ولي منهم تسعة ملوك في مائة سنة وإحدى وثمانين سنة، وملك الإفرنج إفريقية اثنتي عشرة سنة حتى قدمها عبد المؤمن فاستنقذها منهم في يوم عاشوراء سنة 555، وولى عليها أبا عبد الله محمد بن فرج أحد أصحابه، ورتب معه الحسن بن علي بن يحيى بن تميم وأقطعه قريتين ورجع إلى المغرب، وهي الآن بيد الولاة من قبل ولده، فهذا كاف من إفريقية وأمرها. وقد خرج منها من العلماء والأئمة والأدباء ما لا يحصى عددهم، منهم: أبو خالد عبد الرحمن بن زياد بن أنعم الإفريقي قاضيها، وهو أول مولود ولد في الاسلام بإفريقية، سمع أباه وأبا عبد الرحمن الحبكي وبكر ابن سوادة، روى عنه سفيان الثوري و عبد الله بن لهيعة و عبد الله بن وهب وغيرهم، تكلموا فيه، قدم على أبي جعفر المنصور ببغداد، قال: كنت أطلب العلم مع أبي جعفر أمير المؤمنين قبل الخلافة فأدخلني يوما منزله فقدم إلى طعاما ومريقة من حبوب ليس فيها لحم، ثم قدم إلي زبيبا، ثم قال:
يا جارية عندك حلواء؟ قالت: لا، قال: ولا التمر؟
قالت: ولا التمر، فاستلقى ثم قرأ هذه الآية: عسى ربكم أن يهلك عدوكم ويستخلفكم في الأرض فينظر كيف تعملون، قال: فلما ولي المنصور الخلافة أرسل إلي فقدمت عليه فدخلت، والربيع قائم على رأسه، فاستدناني وقال: يا عبد الرحمن بلغني أنك كنت تفد إلى بني أمية؟ قلت: أجل، قال: كيف رأيت سلطاني من سلطانهم وكيف ما مررت به من أعمالنا حتى وصلت إلينا؟ قال: فقلت يا أمير المؤمنين رأيت أعمالا سيئة وظلما فاشيا، ووالله يا أمير المؤمنين ما رأيت في سلطانهم شيئا من الجور والظلم إلا ورأيته في سلطانك، وكنت ظننته لبعد البلاد منك، فجعلت كلما دنوت كان الامر أعظم، أتذكر يا أمير المؤمنين يوم أدخلتني منزلك فقدمت إلى طعاما ومريقة من حبوب لم يكن فيها لحم ثم قدمت زبيبا، ثم قلت: يا جارية عندك حلواء؟
قالت: لا، قلت: ولا التمر؟ قالت: ولا التمر، فاستلقيت ثم تلوت: عسى ربكم أن يهلك عدوكم ويستخلفكم في الأرض فينظر كيف تعملون؟ فقد والله أهلك عدوك واستخلفك في الأرض، ما تعمل؟
قال: فنكس رأسه طويلا ثم رفع رأسه إلي وقال: كيف لي بالرجال؟ قلت: أليس عمر بن عبد العزيز كان يقول: إن الوالي بمنزلة السوق يجلب إليها ما ينفق فيها، فإن كان برا أتوه ببرهم وإن كان فاجرا أتوه بفجورهم؟ فأطرق طويلا، فأومأ إلى الربيع أن أخرج، فخرجت وما عدت إليه، وتوفي عبد الرحمن سنة 156، وينسب إليها أيضا سحنون بن سعيد الإفريقي من فقهاء أصحاب مالك، جالس مالكا مدة وقدم بمذهبه إلى إفريقية فأظهره فيها، وتوفي سنة 240، وقيل:
سنة 241.
أفسوس: بضم الهمزة، وسكون الفاء، والسينان مهملتان، والواو ساكنة: بلد بثغور طرسوس، يقال: إنه بلد أصحاب الكهف.
أفشنة: بفتح الهمزة، وسكون الفاء، والشين معجمة مفتوحة، ونون، وهاء: من قرى بخارى.