وقال محمد (1) بن علي بن الحسن بن شقيق، عن أبيه: كان ابن المبارك إذا كان وقت الحج، اجتمع إليه إخوانه من أهل مرو، فيقولون: نصحبك يا أبا عبد الرحمان، فيقول لهم: هاتوا نفقاتكم.
فيأخذ نفقاتهم فيجعلها في صندوق، ويقفل عليها، ثم يكتري لهم ويخرجهم من مرو إلى بغداد، ولا يزال ينفق عليهم ويطعمهم أطيب الطعام، وأطيب الحلواء، ثم يخرجهم من بغداد بأحسن زي، وأكمل (2) مروءة، حتى يصلوا إلى مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم، فإذا صاروا إلى المدينة قال لكل رجل منهم: ما أمرك عيالك أن تشتري لهم من المدينة من طرفها؟ فيقول: كذا (3)، ثم يخرجهم إلى مكة، فإذا وصلوا إلى مكة، وقضوا حجهم، قال لكل واحد منهم: ما أمرك عيالك أن تشتري لهم من متاع مكة؟ فيقول: كذا وكذا، فيشتري لهم، ثم يخرجهم من مكة، فلا يزال ينفق عليهم إلى أن يصيروا إلى مرو، فإذا صاروا (4) إلى مرو جصص أبوابهم ودورهم، فإذا كان بعد ثلاثة أيام صنع لهم وليمة وكساهم، فإذا أكلوا وشربوا (5)، دعا بالصندوق ففتحه، ودفع إلى كل رجل منهم صرته، بعد أن كتب عليها اسمه.
قال محمد بن علي (6): قال أبي: أخبرني خادمه أنه عمل آخر