شرح السير الكبير - السرخسي - ج ١ - الصفحة ٢٠٨
المسلمين دفع الظلم عن المظلوم (1) والاخذ على يد الظالم. قال عليه السلام:
" لا، حتى تأخذوا على يدي الظالم فتأطروه على الحق أطرا " (2).
250 - فإن دخلوا بهم دار الحرب نظر (3): فإن كان الذي في أيديهم ذراري المسلمين، فالواجب على المسلمين أيضا أن يتبعوهم إذا كان غالب رأيهم (4) أنهم يقوون على استنقاذ الذراري من أيديهم إذا أدركوهم، ما لم يدخلوا حصونهم.
لانهم ما ملكوا الذراري بالاحراز بدار الحرب، فكونها في أيديهم في دار الحرب وفى دار الاسلام سواء. والمعتبر تمكن المسلمين من الانتصاف منهم، وذلك قائم باعتبار الظاهر ما لم يدخلوا حصونهم.
251 - فأما إذا دخلوا حصونهم فإن أتاهم المسلمون حتى يقاتلوهم لاستنقاذ الذراري فذلك فضل أخذوا به، وإن تركوهم رجوت أن يكونوا في سعة من ذلك.
لان الظاهر أنهم بعدما وصلوا إلى مأمنهم ودخلوا حصونهم يعجز المسلمون عن استنقاذ الذراري من أيديهم، إلا بالمبالغة في الجهد وبذل النفوس والأموال في ذلك. فان فعلوه فهو العزيمة، وإن تركوه لدفع الحرب والمشقة عن أنفسهم كان لهم في ذلك رخصة. ألا ترى أنا نعلم أن في يد الكفار بالروم

(١) ه‍ " المظلومين ".
(٢) في هامش ق " وفى الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه ذكر المظالم التي وقعت فيها بنو إسرائيل والمعاصي فقال: " لا والذي نفسي بيده، حتى تأخذوا على يدي الظالم وتأطروه على الحق أطرا. من لسان العرب " قلنا: وتأطروه أي تعطفوه على الحق كما في النهاية.
(3) ساقطة في ب، أ، ق.
(4) ق " الغالب على رأيهم ".
(٢٠٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 203 204 205 206 207 208 209 210 211 212 213 ... » »»