شرح السير الكبير - السرخسي - ج ١ - الصفحة ٢٠٧
تعالى: {ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة} (1). ومعلوم أن تمام هذه الصفة في القرآن والفقه المستنبط من القرآن وهو الحكمة، كما قال الله تعالى:
{ومن يؤت الحكمة فقد أوتى خير كثيرا} (2). وفسره المفسرون بالفقه.
وإنما يتحقق دعاؤه (56 ب) بهذه الطريق إذا علمه ذلك وفهمه. وقال تعالى {وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله} (3) يعنى يسمع فيفهم. فربما يرغب في الايمان لما يقف عليه من محاسن الشريعة.
وهذا هو المراد من قوله: لعل الله يقلب قلبه (4).
وفى حديث عثمان رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" خير الناس من تعلم القرآن وعلمه ". ولم يفصل بين تعليم المسلمين وتعليم الكفار.
وإذا كان يندب إلى تعليم غير المخاطبين رجاء أن يعملوا به إذا خوطبوا، فلان يندب إلى تعليم المخاطبين رجاء (5) أن يهتدوا به ويعملوا كان أولى.
249 - وإذا دخل المشركون دار الاسلام فأخذوا الأموال والذراري والنساء، ثم علم بهم جماعة المسلمين، ولهم عليهم قوة، فالواجب عليهم أن يتبعوهم ما داموا في دار الاسلام، لا يسعهم إلا ذلك.
لانهم إنما يتمكنون من المقام في دار الاسلام بالتناصر وفى ترك التناصر ظهور العدو عليهم، فلا يحل لهم ذلك.
وفعل أهل الحرب بهذه الصفة منكر قبيح، والنهى عن المنكر فرض على المسلمين. والذين وقع الظهور عليهم صاروا مظلومين، ويفترض على

(1) سورة النحل، 16، الآية 125.
(2) سورة البقرة، 2، الآية 269.
(3) سورة التوبة، 9، الآية 6.
(5) ب، أ، " يقبل بقلوبهم ".
(5) ه‍ " لرجاء ".
(٢٠٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 202 203 204 205 206 207 208 209 210 211 212 ... » »»