ثم مثل هذا الحديث الشاذ لا يكون معمولا به.
إذا كان مخالفا للأصول. فكان الرجوع إلى المقام المتفق على قبوله وهو قوله صلى الله عليه وسلم: " لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيبة نفس منه " أولى.
وكذلك قوله عليه السلام: " من وجد عين ماله فهو أحق به " دليل على صحة ما قلنا.
وكان عمر بن عبد العزيز رحمه الله يقول: يأخذها صاحبها ويرد على المنفق ما أنفق عليه من ماله.
وقال الشعبي: ليس عليه شئ من النفقة إن كان أنفق بغير إذنه.
ويقول الشعبي نأخذ لأنه متبرع بالانفاق على ملك الغير بغير إذنه. وهو يريد أن يلزمه دينا في ذمته لنفسه، وليس لأحد هذه الولاية على غيره.
فأما عمر بن عبد العزيز فكان يقول: دلالة الاذن في الانفاق من صاحبها معلوم بطريق الظاهر. لأنه لو تمكن من إخراجها أنفق عليها من مال نفسه، فإذا عجز عن ذلك كان مستعينا بكل من يقوى على ذلك راضيا بأن ينفق عليها من ماله. ودلالة الاذن كصريح الاذن. ولكنا نقول: هذه الاستعانة والرضا يحتمل أن يكون منه على وجه الشرع، ويحتمل أن يكون على وجه الرجوع عليه بما ينفق. والمحتمل لا يصلح حجة لايجاب الدين له في ذمته، وهو نظير المودع ينفق على الوديعة في حال غيبة صاحبها بغير أمر القاضي، فإنه لا يرجع على صاحبها بما أنفق لهذا المعنى. كذا هذا. والله الموفق.