شرح السير الكبير - السرخسي - ج ١ - الصفحة ٢١٢
فيها من النساء والذراري. فلهذا لا يستقيم (1) البناء على الغوث. وإنما يبنون ذلك على شوكة أنفسهم.
258 - وذكر عن الشعبي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " من ترك دابة بمهلكة فهي لمن أحياها ".
وبظاهر هذا الحديث أخذ بعض العلماء فقالوا: إذا ترك الغازي دابته في هزيمة (2) فأخذها مسلم آخر وأخرجها فهو أحق بها. لان الأول تركها معرضا عنها، وإنما كان مالكا لها لكونه محرزا لها بيده، فإذا زال ذلك التحقت بالصيود، فهي لمن أخذها وأحياها.
ولسنا نأخذ به، فإن هذا تسبيب أهل الجاهلية. وقد نفاه الشرع قال الله تعالى {ما جعل الله من بحيرة ولا سائبة. الآية} (3) وليس التسبيب في الدواب نظير الاعتاق في العبيد. فبالاعتاق تحدث فيه صفة المالكية فتنتفى المملوكية. وبالتسبيب لا تحذف صفة المالكية في الدواب. وإذا بقيت مملوكة كانت لصاحبها. وحرمة الملك باعتبار حرمة المالك (57 ب) فلا يملكها أحد بالآخذ.
259 - وذكر عن الشعبي أنه قال يأخذها صاحبها ولا نفقة له على الذي أحياها إن كان أنفق من ماله. وبهذا تبين أن الحديث الأول وهم. فالشعبي هو الذي رواه، وما كان يفتى بخلاف ما يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم.

(1) ق " لا يسعهم ".
(2) ق " غنيمة " وفى الهامش " هزيمة. نسخة ".
(3) سورة المائدة، 5، الآية 103.
(٢١٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 207 208 209 210 211 212 213 214 215 216 217 ... » »»