256 - فأما إذا لم يكن بهذه الصفة.
أي كانوا عددا قليلا لا يتمكنون من دفع جلبة العدو ولا يقدرون على إخراج الذراري إلى أرض الاسلام.
فإنه لا ينبغي لهم أن يتخذوا النساء في مثل هذه الثغور.
لان الظاهر أنهم يضيعون في مثل هذه الثغور، ويأمنون الضياع في الفضل الأول. وهو نظير ما سبق من الفصل بين الصائفة والسرية. إلا أن هناك كره إخراج النساء مع الجيش العظيم للمباضعة، ولم يكره ذلك في الثغر إذا كثر فيه المسلمون. لان أهل العسكر لا يطول مقامهم في دار الحرب فلا يحتاجون إلى النساء مدة مقامهم في الظاهر. فأما أهل الثغور فيطول مقامهم في الثغر، بل يؤمرون بأن لا يبرحوا منها. وإذا كانوا عزابا (1) ضجروا بالمقام فيها، فلهذا لم ير (2) بأسا بأن يتخذوا فيها النساء والذراري.
257 - فإن قال أهل الثغر: لا نقدر على دفع العدو بأنفسنا إن أتانا ولكن نستغيث بالمسلمين فيأتينا الغياث منهم فندفع بهم العدو، فإنه لا ينبغي لهم أن يحملوا النساء والذراري إلى مثل هذه الثغور أيضا.
لانهم لا يقوون على الدفع عنهم بأنفسهم، ولحوق الغوث بهم للدفع موهوم. ولا يبنى الحكم على الموهوم خصوصا فيما يكون الواجب فيه الاخذ بالاحتياط. ألا ترى أنه يتوهم أن تقع فتنة أو عصبية بين المسلمين فيشتغل بعضهم ببعض (3) حتى لا يقدروا على إغاثة (4) تلك الثغور، فيضيع من