شرح السير الكبير - السرخسي - ج ١ - الصفحة ٢٠٦
لكن ما ذكره محمد أصح، فإنهم يفعلون ذلك مغايظة للمسلمين، وقد ظهر ذلك من القرامطة حين ظهروا على مكة، جعلوا يستنجون بالمصاحف (1) إلى أن قطعا لله دابرهم. ولهذا منع الذمي من شرى المصحف، وأجبر على بيعه كما أجبر (2) على بيع العبد المسلم.
وكذلك (3) كتب الفقه بمنزلة المصحف في هذا الحكم. فأما كتب الشعر فلا بأس بأن يحمله مع نفسه، وكذلك إن اشتراه الكافر لا يجبر على بيعه.
247 - وإن دخل إليهم مسلم بأمان فلا بأس بأن يدخل معه المصحف إذا كانوا قوما يوفون بالعهد.
لان الظاهر هو الامن لما في يده.
فأما إذا كانوا ربما لا يوفون العهد فلا ينبغي له أن يحمل المصحف مع نفسه إذا دخل دارهم بأمان.
248 - وإذا قال الحربي أو الذمي للمسلم علمني القرآن فلا بأس بأن يعلمه. ويفقه في الدين لعل الله يقلب قلبه (4).
ألا ترى أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ القرآن على المشركين وبه أمر (5) قال الله تعالى: {بلغ ما أنزل إليك من ربك} (6). وقال الله

(١) ق " بالمصحف ".
(٢) ه‍، ط " يجبر ".
(٣) هذه الفقرة كلها لا توجد في ب، أ.
(٤) ق، ب، أ " يقبل بقلبه ".
(٥) في هامش ق " وهذا لان النبي عليه السلام كان يقرأ القرآن على المشركين، وهم كانوا أرباب اللسان فيتلقونه منه، حتى روى أنه عليه السلام كان يقرأ " حم. تنزيل الكتاب من الله العزيز العليم. غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب " فتلقن أبو لهب لعنه الله فجعل يردد في نفسه لحلاوته ويقول: ما أظن هذا من كلام البشر. حتى علم به أبو جهل فوقعت بينهما وحشة بهذا السبب. من خط الحصيري ".
(6) سورة المائدة، 5، الآية 67.
(٢٠٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 201 202 203 204 205 206 207 208 209 210 211 ... » »»