في الصوائف التي أكبر الرأي فيها أنهم قاهرون لا ينهزمون من العدو فيتمكنون من الدفع عنها وعن أنفسهم.
والحاصل أن الحكم يبنى على الظاهر (56 آ) فيما يتعذر الوقوف على حقيقة الحال فيه.
246 - ولا بأس بإدخال المصاحف في أرض العدو لقراءة القرآن في مثل هذا العسكر العظيم.
ولا يستحب له ذلك إذا كان يخرج في سرية.
لان الغزي ربما يحتاج إلى القراءة من المصحف إذا كان لا يحسن القراءة عن ظهر قلبه، أو يتبرك بحمل المصحف، أو يستنصر به. فالقرآن حبل الله المتين من اعتصم به نجا. إلا أنه منهي عن تعريض المصحف لاستخفاف العدو به. ولهذا لو اشتراه ذمي أجبر على بيعه. والظاهر أنه في العسكر العظيم يأمن هذا لقوتهم، وفى السرية ربما يبتلى به لقلة عددهم. فمن هذا الوجه يقع الفرق.
والذي روى أن النبي صلى الله عليه وسلم " نهى أن يسافر بالقرآن في أرض العدو ".
وتأويله هذا أن يكون سفره مع جريدة خيل لا شوكة لهم. هكذا ذكره محمد.
وذكر الطحاوي أن هذا النهى كان في ذلك الوقت لان المصاحف لم تكثر في أيدي المسلمين. وكان لا يؤمن إذا وقعت المصاحف في أيدي العدو أن يفوت شئ من القرآن من أيدي المسلمين، ويؤمن من مثله في زماننا لكثرة المصاحف وكثرة القراء.
قال الطحاوي: ولو وقع مصحف في يدهم لم يستخفوا به لانهم وإن كانوا لا يقرون بأنه كلام الله فهم يقرون بأنه أفصح الكلام بأوجز العبارات وأبلغ المعاني فلا يستخفون به، كما لا يستخفون بسائر الكتب.