لمسرور: يا أبا هاشم خدمتي وحرمتي وميلي، وهذا وقت ضيق فتدري لم طلبني أمير المؤمنين؟ قال: لا. قلت: فمن عنده؟ قال: عيسى بن جعفر. قلت: ومن؟ قال: ما عنده ثالث. قال: مر وإذا صرت إلى الصحن فإنه في الرواق وهو ذاك جالس، فحرك رجلك بالأرض، فإنه سيسألك، فقل أنا فجئت ففعلت فقال: من هذا؟ قلت:
يعقوب، قال: ادخل، فدخلت فإذا هو جالس وعن يمينه عيسى بن جعفر، فسلمت فرد علي السلام وقال: أظننا روعناك قلت: إي والله وكذلك من خلفي. قال:
اجلس، فجلست حتى سكن روعي، ثم التفت إلي فقال: يا يعقوب تدري لم دعوتك؟ قلت: لا. قال: دعوتك لأشهدك على هذا أن عنده جارية سألته أن يهبها لي فامتنع، وسألته أن يبيعها فأبى. والله لئن لم يفعل لأقتلنه. قال: فالتفت إلى عيسى، وقلت: وما بلغ الله بجارية تمنعها أمير المؤمنين وتنزل نفسك هذه المنزلة؟ قال: فقال لي:
عجلت علي في القول قبل أن تعرف ما عندي؟ قلت: وما في هذا من الجواب؟ قال:
إن علي يمينا بالطلاق والعتاق وصدقة ما أملك أن لا أبيع هذه الجارية ولا أهبها.
فالتفت إلي الرشيد فقال: هل له في ذلك من مخرج؟ قلت: نعم! قال: وما هو؟ قلت: يهب لك نصفها ويبيعك نصفها. فتكون لم تبع ولم تهب، قال عيسى: ويجوز ذلك؟
قلت: نعم! قال: فأشهد أني قد وهبت له نصفها وبعته النصف الباقي بمائة ألف دينار، فقال: الجارية، فأتى بالجارية وبالمال، فقال: خذها يا أمير المؤمنين بارك الله لك فيها.
قال: يا يعقوب بقيت واحدة، قلت: وما هي؟ قال: هي مملوكة ولا بد أن تستبرأ ووالله إن لم أبت معها ليلتي إني أظن أن نفسي ستخرج، قلت: يا أمير المؤمنين تعتقها وتتزوجها فإن الحرة لا تستبرأ. قال: فإني قد أعتقتها فمن يزوجنيها؟ قلت: أنا، فدعا بمسرور وحسين، فخطبت وحمدت الله ثم زوجته على عشرين ألف دينار، ودعا بالمال فدفعه إليها، ثم قال لي: يا يعقوب انصرف، ورفع رأسه إلى مسرور فقال يا مسرور قال: لبيك أمير المؤمنين، قال: احمل إلى يعقوب مائتي ألف درهم وعشرين تختا ثيابا، فحمل ذلك معي. قال: فقال بشر بن الوليد: فالتفت إلى يعقوب فقال: هل رأيت بأسا فيما فعلت؟ قلت: لا قال: فخذ منها حقك قلت: وما حقي؟ قال: العشر قال: فشكرته ودعوت له وذهبت لأقوم وإذا بعجوز قد دخلت فقالت: يا أبا يوسف بنتك تقرئك السلام وتقول لك: والله ما وصل إلي في ليلتي هذه من أمير المؤمنين إلا المهر الذي قد عرفته، وقد حملت إليك النصف منه وخلفت الباقي لما أحتاج إليه.