وعلي ابن المديني في ثقته في النقل. قال: وهو أول من خوطب بقاضي القضاة، وكان استخلف ابنه يوسف على الجانب الغربي، فأقره الرشيد على عمله، وولي قضاء القضاة بعد موت أبي يوسف أبا البختري وهب بن وهب القرشي.
أخبرنا الحسين بن علي بن محمد المعدل، أخبرنا عبد الله بن محمد الأسدي، أخبرنا أبو بكر الدامغاني الفقيه قال: سمعت أبا جعفر الطحاوي يقول: مولد أبي يوسف سنة ثلاث عشر ومائة.
أخبرنا الصيمري، أخبرنا عمر بن إبراهيم، حدثنا مكرم بن أحمد، حدثنا عبد الصمد بن عبيد الله عن علي بن حرملة التيمي عن أبي يوسف قال: كنت أطلب الحديث والفقه وأنا مقل رث الحال، فجاء أبي يوما وأنا عند أبي حنيفة فانصرفت معه. فقال: يا بني لا تمدن رجلك مع أبي حنيفة، فإن أبا حنيفة خبزه مشوي، وأنت تحتاج إلى المعاش، فقصرت عن كثير من الطلب، آثرت طاعة أبي، فتفقدني أبو حنيفة وسأل عني، فجعلت أتعاهد مجلسه. فلما كان أول يوم أتيته بعد تأخري عنه قال لي: ما شغلك عنا؟ قلت: الشغل بالمعاش وطاعة والدي، جلست فلما انصرف الناس دفع إلي صرة، وقال: استمتع بهذه، فنظرت فإذا فيها مائة درهم. فقال لي: الزم الحلقة وإذا نفذت هذه فأعلمني، فلزمت الحلقة فلما مضت مدة يسيرة دفع إلي مائة أخرى، ثم كان يتعاهدني وما أعلمته نحلة قط ولا أخبرته بنفاذ شئ، وكان كأنه يخبر بنفاذها حتى استغنيت وتمولت. وحكى أن والد أبي يوسف مات وخلف أبا يوسف طفلا صغيرا، وأن أمه هي التي أنكرت عليه حضوره حلقة أبي حنيفة.
كذلك أخبرني الحسن بن أبي بكر قال: ذكر محمد بن الحسن بن زياد النقاش أن محمد بن عبد الرحمن السامي أخبرهم بهراة قال: أخبرنا علي بن الجعد، أخبرني يعقوب بن إبراهيم أبو يوسف القاضي قال: توفي أبي إبراهيم بن حبيب وخلفني صغيرا في حجر أمي، فأسلمتني إلى قصار أخدمه، فكنت أدع القصار وأمر إلى حلقة أبي حنيفة فاجلس استمع، فكانت أمي تجيء خلفي إلى الحلقة، فتأخذ بيدي وتذهب بي إلى القصار، وكان أبو حنيفة يعني بي لما يرى من حضوري وحرصي على التعلم، فلما كثر ذلك على أمي وطال عليها هربي، قالت لأبي حنيفة: ما لهذا الصبي فساد غيرك، هذا صبي يتيم لا شئ له، وإنما أطعمه من مغزلي وآمل أن يكسب دانقا يعود به على نفسه. فقال لها أبو حنيفة: مري يا رعناء هذا هو ذا يتعلم أكل الفالوذج