فسجد سجدتي السهو فسهى فيهما؟ ففكر الفراء ساعة ثم قال: لا شئ عليه. قال له محمد: ولم؟ قال: لأن التصغير عندنا لا تصغير له، وإنما السجدتان إتمام الصلاة ليس للتمام تمام. فقال محمد بن الحسن: ما ظننت آدميا يلد مثلك.
أخبرنا هلال بن المحسن الكاتب، أخبرنا أحمد بن محمد بن الجراح الخزاز قال:
قال أبو بكر بن الأنباري: ولم لم يكن لأهل بغداد والكوفة من علماء العربية إلا الكسائي والفراء لكان لهم بهما الافتخار على جميع الناس، إذ انتهت العلوم إليهما، وكان يقال: النحو الفراء، والفراء أمير المؤمنين في النحو.
أخبرنا القاضي أبو العلاء الواسطي، أخبرنا محمد بن جعفر التميمي، أخبرنا أبو علي الحسن بن داود، حدثنا أحمد بن أبي موسى العجلي، حدثنا هناد بن السري قال: كان الفراء يطوف معنا على الشيوخ، فما رأيناه أثبت سوداء في بيضاء قط، لكنه إذا مر حديث فيه شئ من التفسير، أو متعلق بشئ من اللغة، قال للشيخ: أعده علي. وظننا أنه كان يحفظ ما يحتاج إليه.
قرأت على علي بن أبي علي البصري عن طلحة بن محمد بن جعفر المعدل، حدثنا أبو بكر بن مجاهد قال: قال لي محمد بن الجهم: كان الفراء يخرج إلينا وقد لبس ثيابه في المسجد الذي في خندق عبويه. وعلى رأسه قلنسوة كبيرة، فيجلس فيقرأ أبو طلحة الناقط عشرا من القرآن، ثم يقول له، أمسك. فيملي من حفظه المجلس، ثم يجيء سلمة بعد أن ننصرف نحن، فيأخذ كتاب بعضنا فيقرأ عليه، ويغير ويزيد وينقص، فمن ههنا وقع الاختلاف بين النسختين.
قال ابن مجاهد: وسمعت ابن الجهم يقول: ما رأيت مع الفراء كتابا قط إلا كتاب يافع ويفعة. قال ابن مجاهد، وقال لنا ثعلب: لما مات الفراء لم يوجد له إلا رؤوس إسفاط، فيها مسائل تذكرة، وأبيات شعر.
أخبرني محمد بن علي الشروطي، حدثنا أبو محمد عبيد الله بن محمد ابن علي الكاتب المروزي، حدثنا أبو بكر محمد بن القاسم الأنباري، حدثنا أبو العباس أحمد بن يحيى النحوي، حدثنا سلمة قال: أمل الفراء كتبه كلها حفظا، لم يأخذ بيده نسخة إلا في كتابين، كتاب ملازم، وكتاب يافع ويفعة.
قال أبو بكر بن الأنباري: ومقدار الكتابين خمسون ورقة، ومقدار كتب الفراء ثلاثة آلاف ورقة.