البلوشي لكتاب أبي الشيخ من حيث التعريف برجال الأسانيد وتخريج الأحاديث والحكم عليها، وهو جهد لازم لنيل مرتبة الماجستير في تخصص " السنة النبوية " وإن كان ليس بلازم لتحقيق الكتاب تحقيقا علميا في نظر عامة المحققين الذين يرون في ذلك إثقالا للحواشي ولا مفر من قيام طلبة الدراسات العليا من تحويل رسائلهم من تحقيق الكتب إلى دراسة أحاديث كتاب مخصوص دفعا للاعتراض المذكور.
وإضافة لذلك فقد قدم الشيخ عبد الغفور دراسة مستفيضة للمؤلف وبيئته العلمية، حيث لم يسبق إلى دراسته من قبل الباحثين المحدثين. وقد تمكن من تجلية جوانب ثقافته والتعريف بمؤلفاته ومصادر معلوماته، وإن كانت دراسة موارد كتابه لا زالت بحاجة إلى تجلية وتفصيل.
وتجدر الإشارة هنا إلى أن أبا الشيخ استفاد من مؤلفات مفقودة وأحيانا تعتبر اقتباساته عنها هي كل ما بقي منها في مكتبتنا التراثية الهائلة، ولعل هذا الوصف ينطبق خاصة على كتاب (تاريخ أصبهان) لمحمد بن يحيى بن منده (ت 310 ه) وهو أقدم مؤلف في تاريخ أصبهان وقد فقد - للأسف -، وتوضح اقتباسات أبي الشيخ الكثيرة من هذا التاريخ أنه من تواريخ المحدثين.
إن تجلية مثل هذه المعلومات الدقيقة الغامضة تخدم دراساتنا التراثية وتضيف جديدا إلى " علمنا ".
لقد هيا أبو الشيخ الأنصاري ببناء كتابه على نظام الطبقات الفرصة أمامنا للتعرف على تطور الحركة الفكرية في مدينة أصبهان خلال القرون الأربعة الأولى من تاريخ الاسلام حيث يمكن معرفة أعداد العلماء في كل قرن من هذه القرون، منا يوضح ازدهار الحركة الفكرية ونشاط الرواية في أصبهان في القرن الثالث الهجري ثم تعاظم الازدهار والنشاط في القرن الرابع الهجري حيث يسجل أبو الشيخ الأنصاري تضاعف أعداد المحدثين خلاله. وهذا يتفق مع وقت ازدهار الحركة الفكرية في العالم الاسلامي عامة.