مذهبه، فخرج هشام من عنده مغتما متحيرا، قال: فبقيت أياما لا أفيق من حيرتي، قال عمر بن يزيد: فسألني هشام أن استأذن له على أبي عبد الله عليه السلام ثانيا، فدخلت على أبي عبد الله فاستأذنت له، فقال أبو عبد الله:
لينتظرني في موضع، سماه بالحيرة، لألتقي معه فيه غدا إن شاء الله إذا راح إليها، فقال عمر: فخرجت إلى هشام فأخبرته بمقالته وأمره، فسر بذلك هشام واستبشر وسبقه إلى الموضع الذي سماه، ثم رأيت هشاما بعد ذلك فسألته عما كان بينهما، فأخبرني أنه سبق أبا عبد الله عليه السلام إلى الموضع الذي كان سماه له، فبينا هو إذا بأبي عبد الله عليه السلام قد أقبل على بغلة له، فلما بصرت به وقرب مني هالني منظره، وأرعبني حتى بقيت لا أجد شيئا أتفوه به، ولا أنطلق لساني لما أردت من مناطقته، ووقف علي أبو عبد الله عليه السلام مليا ينتظر ما أكلمه، وكان وقوفه علي لا يزيدني إلا تهيبا وتحيرا، فلما رأى ذلك مني ضرب بغلته وسار حتى دخل بعض السكك في الحيرة، وتيقنت أن ما أصابني من هيبته لم يكن إلا من قبل الله عز وجل من عظم موقعه ومكانه من الرب الجليل. قال عمر: فانصرف هشام إلى أبي عبد الله عليه السلام وترك مذهبه، ودان بدين الحق وفاق أصحاب أبي عبد الله كلهم، والحمد لله.
قال: واعتل هشام بن الحكم علته التي قبض فيها، فامتنع من الاستعانة بالأطباء، فسألوه أن يفعل ذلك، فجاؤوا بهم إليه فأدخل عليه جماعة من الأطباء، فكان إذا دخل الطيب عليه وأمره بشئ سأله، فقال: يا هذا هل وقفت على علتي؟ فمن بين قائل يقول لا، ومن قائل يقول نعم. فإن استوصف ممن يقول نعم وصفها، فإذا أخبره كذبه ويقول: علتي غير هذه فيسأل عن علته، فيقول:
علتي فزع القلب مما أصابني من الخوف، وقد كان قدم ليضرب عنقه، فافزع قلبه ذلك حتى مات رحمه الله ".
2 - " أبو عمرو الكشي، قال: أخبرني، أبو الحسن أحمد بن محمد الخالدي،