إنما أريدك أنت، لا حمران. فقال أبو عبد الله عليه السلام: إن غلبت حمران فقد غلبتني. فأقبل الشامي يسأل حمران حتى ضجر ومل وعرض وحمران يجيبه، فقال أبو عبد الله عليه السلام: كيف رأيت يا شامي؟ قال: رأيته حاذقا ما سألته عن شئ إلا أجابني فيه. فقال أبو عبد الله عليه السلام: يا حمران سل الشامي، فما تركه يكثر. فقال الشامي: أرأيت يا أبا عبد الله أناظرك في العربية؟ فالتفت أبو عبد الله عليه السلام فقال: يا أبان بن تغلب ناظره، فناظره فما ترك الشامي يكثر. فقال: أريد أن أناظرك في الفقه. فقال أبو عبد الله عليه السلام يا زرارة ناظره. فناظره فما ترك الشامي يكثر. قال: أريد أن أناظرك في الكلام. فقال:
يا مؤمن الطاق ناظره، فناظره فسجل الكلام بينهما، ثم تكلم مؤمن الطاق بكلام فغلبه به، فقال: أريد أناظرك في الاستطاعة. فقال للطيار: كلمه فيها. قال:
فكلمه فيها فما تركه يكثر. ثم قال: أريد أن أكلمك في التوحيد. فقال لهشام بن سالم: كلمه، فسجل الكلام بينهما ثم خصمه هشام. فقال: أريد أن أتكلم في الإمامة. فقال لهشام بن الحكم: كلمه يا أبا الحكم، فكلمه فما تركه يريم ولا يحلى ولا يمرى.
قال: فبقي يضحك أبو عبد الله عليه السلام حتى بدت نواجده. فقال الشامي: كأنك أردت أن تخبرني أن في شيعتك مثل هؤلاء الرجال. قال: هو ذلك.
ثم قال: يا أخا أهل الشام أما حمران فحرفك فحرت له فغلبك بلسانه، وسألك عن حرف من الحق فلم تعرفه، وأما أبان بن تغلب فمغث حقا بباطل فغلبك، وأما زرارة فقاسك فغلب قياسه قياسك، وأما الطيار فكان كالطير يقع ويقوم وأنت كالطير المقصوص لا نهوض لك، وأما هشام بن سالم فأحسن أن يقع ويطير، وأما هشام بن الحكم فتكلم بالحق فما سوغك ريقك. يا أخا أهل الشام إن الله أخذ ضغثا من الحق وضغثا من الباطل فمغثهما ثم أخرجهما إلى الناس، ثم بعث أنبياء يفرقون بينهما، ففرقها الأنبياء، والأوصياء، وبعث الله الأنبياء ليعرفوا ذلك