على من فيها، فقيل له: يا أبا حفص، إن فيها فاطمة. قال: وإن. فخرجوا فبايعوا إلا عليا، فإنه زعم أنه قال: حلفت أن لا أخرج، ولا ثوبي أضع على عاتقي حتى أجمع القرآن. فوقفت فاطمة (1) على بابها فقالت: لا عهد لي بقوم حضروا أسوأ محضرا منكم، تركتم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) جنازة بين أيدينا، وقطعتم أمركم بينكم، لم تستأمرونا ولم تردوا لنا حقا.
فأتى عمر أبا بكر فقال له: ألا تأخذ هذا المتخلف عنك بالبيعة؟
فقال أبو بكر لقنفذ وهو مولى له: اذهب فادع لي عليا، فذهب إلى علي، فقال: ما حاجتك؟ فقال: يدعوك خليفة رسول الله. فقال علي: لسريع ما كذبتم على رسول الله.
فرجع فأبلغ الرسالة، قال: فبكى أبو بكر طويلا، فقال عمر الثانية: لا تمهل هذا المتخلف عنك بالبيعة، فقال أبو بكر (رضي الله عنه) لقنفذ: عد إليه فقل له:
أمير المؤمنين يدعوك لتبايع، فجاءه قنفذ فأدى ما أمر به، فرفع علي صوته فقال: سبحان الله، لقد ادعى ما ليس له.
فرجع قنفذ فأبلغ الرسالة فبكى أبو بكر طويلا، ثم قام عمر فمشى معه جماعة حتى أتوا باب فاطمة، فدقوا الباب، فلما سمعت أصواتهم نادت بأعلى صوتها: يا أبت يا رسول الله، ماذا لقينا بعدك من ابن الخطاب وابن أبي قحافة؟!
فلما سمع القوم صوتها وبكاءها انصرفوا باكين، وكادت قلوبهم تتصدع وأكبادهم تتفطر، وبقي عمر ومعه قوم فأخرجوا عليا، فمضوا به