الفوائد الرجالية - السيد بحر العلوم - ج ٤ - الصفحة ١٠
وصنف على طريق الشيعة كتبا، منها: كتاب (دعائم الاسلام) (1) وله فيه وفي غيره ردود على فقهاء العامة كأبي حنيفة ومالك والشافعي وغيرهم.
وذكر صاحب (تاريخ مصر) عن القاضي نعمان: " أنه كان من

(١) كتاب دعائم الاسلام أقوم مصدر لدراسة القانون عند الفاطميين وهذا الكتاب أهم كتاب خالد للنعمان، وهو الكتاب الذي أمر الظاهر الفاطمي بان يحفظه الناس، وجعل لمن يحفظه ما لا جزيلا، فقد ذكر صاحب كشف الظنون ما نصه: " وفي سنة ٤١٦ ه‍ أمر الظاهر (الخليفة الفاطمي) فاخرج من بمصر من الفقهاء المالكيين وأمر الدعاة الوعاظ أن يعظوا من كتاب (دعائم الاسلام) وجعل لمن حفظه مالا ".
ويشتمل هذا الكتاب على فقه الفاطميين كله، فدعائم الاسلام عندهم:
الولاية، والطهارة، والصلاة، والزكاة، والصوم، والحج، والجهاد، ولكل فريضة من هذه الفرائض أصول وفروع وآداب، تحدث عنها القاضي النعمان بشئ من الاطناب ويروي ما ورد في كل فريضة من آيات قرآنية وأحاديث نبوية وما جاء عن الأئمة الفاطميين، ويظهر من هذا الكتاب تأثر القاضي النعمان بمذهب مالك، فقل أن تجد خلافا بين فقه مالك وما ورد في كتاب (دعائم الاسلام) إلا ما ورد عن الولاية، وتظهر قيمة هذا الكتاب عند علماء المذهب: أن داعيين من أكبر دعاتهم ذكراه في كتبهما، واعتمدا عليه، ونوها به، أما الداعي الأول فهو أحمد حميد الدين ابن عبد الله الكرماني المتوفى سنة ٤١٢ ه‍ فقد ذكر في السور الأول من كتاب راحة العقل (المطبوع بمصر) أسماء الكتب التي يجب أن تقرأ قبل قراءة (راحة العقل) وذكر بينها كتاب (دعائم الاسلام). وأما الداعي الثاني فهو المؤيد في الدين هبة الله بن موسى الشيرازي المتوفى سنة ٤٧٠ ه‍، فقد ذكر في (السيرة المؤيدية) - المطبوع بمصر - أنه كان يعقد مجلسا خاصا كل يوم خميس يقرأ فيه على السلطان أبي كاليجار البويهي فصلا من كتاب (دعائم الاسلام).
ويعتبر هذا الكتاب الآن من أقوم كتب الإسماعيلية، ومن كتبهم السيرية مع أنه في علم الظاهر - أي في العبادة العملية - ومع حرصهم على سريته فقد طبع في جزءين، طبع الأول منهما بمصر سنة ١٣٧٠ ه‍، بتحقيق وتقديم الأستاذ آصف ابن علي فيضي، يقع في (٤٦٦) صفحة، يتضمن كتاب الولاية، وكتاب الطهارة وكتاب الصلاة، وكتاب الجنائز، وكتاب الزكاة، وكتاب الصوم والاعتكاف وكتاب الحج، وكتاب الجهاد، وأما الجزء الثاني فقد طبع بمصر أيضا سنة ١٣٧٩ ه‍ ويقع في (٥٣٩) صفحة، يتضمن كتاب البيوع والاحكام فيها، وكتاب الايمان والنذور، وكتاب الأطعمة، وكتاب الأشربة، وكتاب الطب، وكتاب اللباس والطيب وكتاب الصيد، وكتاب الذبايح، وكتاب الضحايا والعقائق، وكتاب النكاح، وكتاب الطلاق، وكتاب العتق، وكتاب العطايا، وكتاب الوصايا، وكتاب الفرائض وكتاب الديات، وكتاب الحدود، وكتاب السراق والمحاربين، وكتاب الردة والبدعة. وكتاب الغصب والتعدي، وكتاب العارية والوديعة، وكتاب اللقطة واللقيطة والآبق، وكتاب القسمة والبنيان، وكتاب الشهادات، وكتاب الدعوى والبينات، وكتاب آداب القضاة.
ويذكر الداعي إدريس عماد الدين في كتابه (عيون الاخبار ج ٦ ص ٤١):
أن الامام المعز هو الذي حث القاضي النعمان على تأليف (دعائم الاسلام) عندما مثل بين يديه مع كثير من الدعاة، فتناولوا الكلام على الأحاديث الموضوعة والاختلاف في الرواية، فذكر لهم الامام المعز الحديث المشهور (إذا ظهرت البدع في أمة فليظهر العالم علمه وإلا فعليه لعنة الله) ونظر المعز لدين الله إلى القاضي النعمان بن محمد - رضوان الله عليه - فقال: أنت المعني في هذه الأوراق يا نعمان ثم أمره بتأليف (دعائم الاسلام) وأصل أصوله، وفرع فروعه، وأخبره بصحيح الروايات عن الطاهرين من آبائه عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وأصبح كتاب (دعائم الاسلام) المرجع الإسماعيلي في الاحكام والفتوى، وفي الحقيقة إن القاضي النعمان ترك للدعوة الإسماعيلية ثروة فكرية ثمينة بالرغم من ضياع أكثر مؤلفاته.
ولم يكن اختلاف مهم بين فقيه الشيعة عامة، وبين ما ذكره النعمان في كتاب (دعائم الاسلام) إلا في زواج المتعة، فقد روى فيه في (ج ٢: ص ٢٢٦) الحديث ال (٨٥٨) عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): أنه حرم نكاح المتعة وفي الحديث ال (٨٥٩) عن جعفر بن محمد عليه السلام: إن رجلا سأله عن نكاح المتعة، وقال صفه لي، قال يلقى الرجل المرأة فيقول: أتزوجك بهذا الدرهم والدرهمين وقعة أو يوما أو يومين. قال: هذا زنا، وما يفعل هذا إلا فاجر.
وإبطال نكاح المتعة موجود في كتاب الله تعالى لأنه يقول سبحانه: " والذين هم لفروجهم حافظون، إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون " فلم يطلق النكاح إلا على زوجة أو ملك يمين.
وكتاب دعائم الاسلام - هذا - جعله المجلسي في (مقدمة بحاره) أحد مصادر كتابه المذكور: فقال: " كان النعمان مالكيا أولا ثم اهتدى وصار إماميا: وأخبار هذا الكتاب أكثرها موافق لما في كتبنا المشهورة، لكن لم يرو عن الأئمة بعد الصادق عليه السلام خوفا من الخلفاء الإسماعيلية، وتحت ستر التقية أظهر الحق لمن نظر فيه متعمقا، وأخباره تصلح للتأييد والتأكيد ".
وقد اعتمد عليه العلامة المحدث النوري - رحمه الله - فوزع أحاديثه في كتابه مستدرك الوسائل باجزائه الثلاثة وذكر في (ج ٣ ص ٣١٨): " إنه ما خالف (أي النعمان) في فرع غالبا إلا ومعه موافق معروف، ولولا خوف الإطالة لذكرنا نبذة من ذلك، نعم في مسالة المتعة لا موافق له، إلا أني بعد التأمل ظهر لي أنه ذكر ذلك على غير وجه الاعتقاد وإن استند للحرمة إلى أخبار رواها تقية أو تحببا إلى أهل بلاده، فإنها عندهم من المنكرات العظيمة، والشاهد على ذلك - مضافا إلى بعد خفاء حليتها عند الإمامية عليه - أنه ذكر في كتاب الطلاق - في باب إحلال المطلقة ثلاثا - ما لفظه: (وعنه - يعني جعفر بن محمد - عليهما السلام - أنه قال:
من طلق امرأته - أي ثلاثا - فتزوجت تزويج متعة لم يحلها ذلك له) ولولا جوازها وعدم كونها الزنا المحض لم يكن ليوردها في مقام ما اختاره من الأحكام الثابتة عنهم بالأثر الصحيح، وهذا ظاهر والحمد لله، ومثله ما ذكره في باب ذكر الحد في الزنا ما لفظه: (وعن علي صلوات الله عليه: ولا يكون الاحصان بنكاح متعة) ودلالته على ما ادعيناه أوضح ".
ثم استغرب العلامة النوري - رحمه الله - ما ذكره الخونساري في (روضات الجنات): - من أن القاضي النعمان لم يكن من الامامية الحقة بقوله: " ولكن الظاهر عندي أنه لم يكن من الامامية الحقة وإن كان في كتبه يظهر الميل إلى طريقة أهل البيت - عليهم السلام - والرواية من أحاديثهم من جهة مصلحة وقته والتقرب إلى السلاطين من أولادهم " الخ.
وقد رده العلامة النوري بوجوه خمسة، راجعها في المستدرك (ج 3 ص 318 - 319
(١٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « 1 2 3 4 5 10 14 15 16 17 18 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 باب النون نعمان بن محمد بن منصور (قاضي مصر) أبو حنيفة الشيعي. 5
2 باب الهاء هارون بن مسلم بن سعدان الأنباري... 15
3 هاني بن عروة المرادي المذحجي، وذكر ورود مسلم بن عقيل الكوفة إلى آخر المطاف 18
4 هاني بن هاني السبيعي - آخر رسول أرسله أهل الكوفة إلى الحسين عليه السلام يستدعونه 50
5 باب الياء يحيى بن زياد بن عبد الله بن منظور - أبو زكريا الفراء النحوي 53
6 يزيد الكناسي، أبو خالد يزيد القماط... 57
7 الفوائد الرجالية (فائدة - 1) في ذكر رجال (إرشاد المفيد) من أولاد الأئمة وأحفادهم 63
8 (فائدة - 2) في ذكر تلامذة الشيخ الطوسي - رحمه الله - 67
9 (فائدة - 3) بحث في العدالة، وكيفية معرفتها ومدى الحاجة إلى ذلك 68
10 (فائدة - 4) اختلاف سلوك المشايخ الثلاثة في كيفية نقل الرواية بالنسبة إلى كتبهم الأربعة. وذكر طرق الشيخ في روايته... وأسماء سلسلة الرواية 73
11 (فائدة - 5) بيان المراد من كلام الشيخ في (الفهرست): " حدثنا وأخبرنا " ونحوهما 95
12 (فائدة - 6) ذكر رجال الخاصة والعامة الموثوقين الواردة أسماؤهم في (إجازة العلامة لبني زهرة) 99
13 (فائدة - 7) بيان المراد من (العدة) أو الجماعة الواردة في كلام الشيخ في (فهرسته) بجملة " حدثنا عدة من أصحابنا " أو " جماعة من أصحابنا "... 104
14 (فائدة - 8) بيان أن كنية " أبو عبد الله " في كلام الشيخ مشتركة بين ثلاثة: المفيد، والغضائري، وابن عبدون 108
15 (فائدة - 9) تنبيه أن (أبا علي بن شاذان) الذي روى عنه الشيخ في (الفهرست) ليس من أصحابنا، والتوقف في هلال الحفار. واستعراض أسماء الموثوقين الذين روى عنهم الشيخ في الأمالي ممن ورد ذكره في كتب العامة 109
16 (فائدة - 10) استظهار أن جميع من ذكره الشيخ في (فهرسته) من الشيعة الامامية، إلا من نص عليه بأنه من الزيدية، أو الفطحية أو الواقفية. ولمحة بسيطة عن هذه الفرق الثلاثة 114
17 (فائدة - 11) ذكر طرق الشيخ وإسناده إلى أصحاب الكتب والأصول ممن أشار إليهم في (الفهرست) 118
18 (فائدة - 12) الجواب عن الطعن في الرواية بالفطحية بأن ذلك لا يقدح في اعتبارها ووثاقة راويها 124
19 (فائدة - 13) التنويه بذكر أول السفراء الأربعة للحجة القائم (ع)، وإشادة بالثلاثة الآخرين، ولمحة عن الغيبتين الصغرى والكبرى 127
20 (فائدة - 14) استنظهار أن الحسين وحماد - الوارد ذكرهما في الكافي - هو الحسين بن المختار القلانسي، وحماد بن عيسى الجهني 129
21 (فائدة - 15) توجيه رواية الحسين بن سعيد عن معاوية بن عمار، من حيث اختلاف الطبقة 130
22 (فائدة - 16) المراد من محمد بن الفضيل، هو الصيرفي الضعيف لا الضبي الثقة 131
23 (فائدة - 17) توثيق الفضيل بن يسار النهدي وأولاده 132
24 (فائدة - 18) نقل احتمال (التفريشي) أن يكون محمد بن الفضيل هو محمد بن القاسم الثقة، واثبات أنه الصيرفي الضعيف 135
25 (فائدة - 19) استبعاد أن يكون العمركي أدرك ستة من الأئمة (ع) - كما يظهر من الكافي - وترجمة للعمركى 137
26 (فائدة - 20) محمد بن قيس مشترك بين الثقة، وغيره. وترجمة لمحمد بن قيس - هذا - 138
27 (فائدة - 21) إثبات أن محمد بن خالد لم يلق أبا بصير وأن الواسطة بينهما هو القاسم بن حمزة، وهو مجهول 141
28 (فائدة - 22) ذكر الاشكال على الشيخ في أنه ربما يذكر الرجل في (باب من لم يرو عنهم ع) وفي غيره من الأبواب 141
29 (فائدة - 23) أحمد بن يحيى الأشعري مهمل في كتب الرجال 143
30 (فائدة - 24) اثبات أن الحسن بن راشد الطفاوي ضعيف 144
31 (فائدة - 25) اثبات أن الحسين بن محمد الذي يروى عنه الكليني، هو الحسين بن محمد الأشعري الثقة 145
32 (فائدة - 26) استنتاج توثيق عامة شيوخ النجاشي واثبات غاية تحرزه من الرواية عن الضعفاء. 145
33 (فائدة - 27) اثبات عدم تواتر كتب الرواة، والاستدلال على غاية تحرز مشايخنا عن الضعفاء والمتهمين 147
34 (فائدة - 28) استعراض جملة من علماء النجوم الشيعة الواردين في كتاب (النجوم) لابن طاووس 149
35 (فائدة - 29) ذكر جملة من قدماء أصحاب الجرح والتعديل 150
36 (فائدة - 30) ذكر جملة من " الفطحية " الثقاة 152
37 (فائدة - 31) بيان من هو العقيقي صاحب الرجال ولمحة عن ترجمته 153
38 (فائدة - 32) استنتاج أن المقصود بابن الغضائري عند الاطلاق، هو أحمد بن الحسين، دون أبيه، وتوثيقه 153
39 (فائدة - 33) استظهار أن البرقي - صاحب الرجال - هو محمد بن خالد، لا أحمد، وبذلك ختام الكتاب. 156
40 كلمتنا حول الكتاب ومؤلفه... 158