كالظلم الذي يستحيل صدوره عن الحكيم وإن لم يمتنع صدوره عن غيره أو كتفويت المصلحة أو الإلقاء في المفسدة الذي يستحيل أيضا صدوره عن الحكيم وإن لم يمتنع عن غيره في قبال من يدعي عدم إمكان التعبد به وقوعا بمعنى انه يلزم من وقوع التعبد به محذور عقلي كما حكى عن ابن قبة رحمه الله بعد التسالم من الكل ظاهرا على إمكان التعبد به ذاتا وعدم استحالته كذلك.
(وبالجملة ان) المحال على قسمين (محال ذاتي) كاجتماع الضدين وارتفاع النقيضين (ومحال وقوعي) بمعنى انه يلزم من وقوعه محذور عقلي من أمر ممتنع ذاتي كاجتماع الضدين أو ارتفاع النقيضين أو امر ممتنع عرضي كالظلم من الحكيم جل وعلا وإمكان التعبد بما سوى العلم المبحوث عنه في المقام هو الإمكان بهذا المعنى الأخير بمعنى انه هل هو ممكن وقوعا ولا يلزم منه محذور عقلي أم ليس بممكن وقوعا لما يلزم منه من المحذور العقلي بعد الفراغ عن عدم كونه محالا ذاتا كاجتماع الضدين أو ارتفاع النقيضين قطعا فافهم جيدا.
(قوله وليس الإمكان بهذا المعنى بل مطلقا أصلا متبعا عند العقلاء إلى آخره) أي وليس الإمكان بمعنى عدم لزوم محال منه وهو الإمكان الوقوعي بل مطلقا ولو بمعنى الإمكان الذاتي أصلا متبعا عند العقلاء بحيث إذا شكوا في إمكان شيء بأحد المعنيين بنوا على إمكانه بذاك المعنى (وهذا في الحقيقة) رد على الشيخ أعلى الله مقامه كما سيأتي التصريح به من المصنف فان الشيخ بعد ما نقل دليلي ابن قبة على عدم جواز التعبد بخبر الواحد (قال ما لفظه) واستدل المشهور على الإمكان بأنا نقطع بأنه لا يلزم من التعبد به محال (ثم قال) وفي هذا التقرير نظر إذ القطع بعدم لزوم المحال في الواقع موقوف على إحاطة العقل بجميع الجهات المحسنة والمقبحة وعلمه بانتفائها وهو غير حاصل فيما نحن فيه فالأولى ان يقرر هكذا انا لا نجد في عقولنا بعد التأمل ما يوجب الاستحالة وهذا طريق يسلكه العقلاء في