به لا مجرد جعله ونصبه والا لزم حصول المصلحة بمجرد الجعل والنصب ولو لم يعمل به المكلف وهو كما ترى (كما ان الظاهر) ان مراده من المصلحة الغالبة بقرينة اعترافه بتفويت المصلحة والإلقاء في المفسدة انها ليست هي المصلحة السلوكية والا لكانت مما يتدارك بها ما يفوت من مصلحة الواقع عند خطأ الأمارات ومخالفتها له فلم يكن هناك تفويت ولا إلقاء بل هي ما أشرنا إليه من المصلحة العامة التي هي في جعل الأمارات ونصبها من الوصول إلى الواقعيات غالبا مع تسهيل الأمر للمكلفين ورفع التضييق عنهم فحيث انها كانت أهم بنظر الشارع من تفويت المصلحة والإلقاء في المفسدة عند خطأ الأمارة أحيانا قدمها عليه وجعل الأمارة ونصبها وأمر باتباعها وإن اتفق ندرة خطأها وصادف فوت المصلحة الواقعية أو الوقوع في المفسدة الواقعية.
(أقول) ويرد على هذا الجواب بطوله (مضافا) إلى انه لو تم لاختص بالأمارات فقط ولم ينفع الأصول العملية إذ لا معنى للالتزام فيها بجعل الحجية أي المنجزية عند الإصابة والعذرية عند الخطأ فإنها ليست طرقا إلى الواقع كي تنجز الواقع بل لا بد فيها من الالتزام بجعل الأحكام الظاهرية المحضة كما في قاعدة الطهارة وقاعدة الحل وشبههما (ان الحجية المجعولة) في الأمارات الظنية هي مستتبعة لجعل أحكام ظاهرية على طبق مؤدياتها إذ لا معنى لأن يحكم الشارع بحجية أمارة خاصة كخبر الثقة ونحوه ولا يحكم إذا قامت تلك الأمارة على وجوب شيء أو حرمته بوجوب ذلك الشيء أو بحرمته ظاهرا بحيث إذا سأل عن حكم ذلك الشيء في الظاهر لم يأمر بإتيانه أو بتركه (كما ان) الأحكام الظاهرية المجعولة على طبق مؤديات الأمارات الظنية هي مستتبعة لتتميم كشفها وجعل حجيتها لا محالة إذ لا معنى لحكم الشارع في الظاهر على طبق ما أدته أمارة خاصة من وجوب أو حرمة أو غيرهما ولا يكون كشفها بنظره تاما تماما ولا تكون هي منجزة للتكليف عند الإصابة ولا عذرا