(قوله خامسها انه كان ترجيح المرجوح على الراجح قبيحا فيستقل العقل حينئذ بلزوم الإطاعة الظنية... إلخ) مقصود الانسدادي من هذه المقدمة الخامسة بعد ما دار الأمر في مقام امتثال التكاليف المعلومة بالإجمال بين أحد الأنحاء الثلاثة المتقدمة آنفا (إما الامتثال الظني) (أو الشكي) (أو الوهمي) انه يتعين من بينها الامتثال الظني لرجحانه على الشكي والوهمي وقبح ترجيح المرجوح على الراجح.
(أقول) ويرد (أولا) على هذه المقدمات الخمس بطولها ان هذه المقدمات ليست هي بأجمعها صحيحة سالمة كي تنتج حجية الظن بل بعضها سقيمة فاسدة كما ستعرف شرحه عند التكلم حول كل مقدمة على حدة والنتيجة تتبع أخس المقدمات فإذا بطل إحداها بطلت النتيجة.
(وثانيا) لو سلم صحة الكل وسلامة الجميع فهي لا تنتج حجية الظن بل التبعيض في الاحتياط في خصوص المظنونات دون المشكوكات والموهومات من جهة العسر والحرج أو اختلال النظام وليس معنى وجوب الاحتياط في خصوص المظنونات حجية الظن بالتكليف كما انه ليس معنى عدم وجوب الاحتياط في موهومات التكليف حجية الظن بعدم التكليف فان ملاك الوجوب في الأول هو الاحتياط وملاك عدم الوجوب في الثاني هو دفع العسر أو اختلال النظام ولذا لا يختص عدم وجوب الاحتياط بموهومات التكليف فقط بل يجري حتى في مشكوكات التكليف أيضا فلو كانت المقدمات مما تنتج هي حجية الظن لكان الظن يخصص عمومات الكتاب أو السنة ويقيد إطلاقاتهما جميعا سواء كان الظن مثبتا للتكليف وكان العموم الإطلاق نافيين له أو كان الأمر بالعكس مع ان الظن الانسدادي لا يكاد يكون المثبت منه مخصصا للعمومات ولا مقيدا للإطلاقات وإن وجب العمل به من باب الاحتياط فضلا عما إذا كان نافيا للتكليف.