(الثاني) ان الرجوع في جميع تلك الوقائع إلى نفي الحكم مستلزم للمخالفة القطعية الكثيرة المعبر عنها في لسان جمع من مشايخنا بالخروج عن الدين بمعنى ان المقتصر على التدين بالمعلومات التارك للأحكام المجهولة جاعلا لها كالمعدومة يكاد يعد خارجا عن الدين لقلة المعلومات التي أخذ بها وكثرة المجهولات التي أعرض عنها وهذا أمر يقطع ببطلانه كل أحد بعد الالتفات إلى كثرة المجهولات إلى ان قال.
(الثالث) انه لو سلمنا ان الرجوع إلى البراءة لا يوجب شيئا مما ذكر من المحذور البديهي وهو الخروج عن الدين فنقول انه لا دليل على الرجوع إلى البراءة من جهة العلم الإجمالي بوجود الواجبات والمحرمات فان أدلتها مختصة بغير هذه الصورة ونحن نعلم إجمالا ان في المظنونات واجبات كثيرة ومحرمات كثيرة والفرق بين هذا الوجه وسابقه ان الوجه السابق كان مبنيا على لزوم المخالفة القطعية الكثيرة المعبر عنها بالخروج عن الدين وهو محذور مستقل وان قلنا بجواز العمل بالأصل في صورة لزوم مطلق المخالفة القطعية وهذا الوجه مبني على ان مطلق المخالفة القطعية غير جائز وأصل البراءة في مقابلها غير جار ما لم يصل المعلوم الإجمالي إلى حد الشبهة الغير المحصورة (انتهى) كلامه هذا كله من أمر الشيخ أعلى الله مقامه (واما المصنف) فلم يستدل لقطعية هذه المقدمة الثالثة الا بالوجه الأول والثاني من الوجوه المتقدمة (وقد أشار) إلى الوجه الأول بقوله ومما يلزم تركه إجماعا يعني به ترك إهمال معظم الأحكام (وأشار) إلى الوجه الثاني بقوله وذلك لأن إهمال معظم الأحكام وعدم الاجتناب كثيرا عن الحرام مما يقطع بأنه مرغوب عنه شرعا فعبر عن المخالفة القطعية الكثيرة بعدم الاجتناب كثيرا عن الحرام وعبر عن كونها أمرا يقطع ببطلانه كل أحد بأنه مما يقطع بأنه مرغوب عنه شرعا.
(واما الوجه الثالث) وهو العلم الإجمالي بالواجبات والمحرمات فلم يستدل به نظرا إلى انه مما لا يجدي لوجوب الاحتياط وعدم جواز الإهمال بالمرة بعد