إلى الأمر بها كما في العبادات التي يستقل العقل بحسنها ويدرك رجحانها من دون حاجة إلى الأمر بها من قبيل الخضوع والخشوع والسجود ونحو ذلك.
(وثانيا) لو سلم انه يعقل ان تكون المصالح والمفاسد في نفس الأحكام من دون دخل للفعل فيهما أصلا فهذا مجرد فرض وتصوير وليست الواجبات والمحرمات الشرعية من هذا القبيل قطعا بعد ما ورد كثير من الأخبار في علل الواجبات والمحرمات الكاشفة عن وجود المصالح والمفاسد في نفس الأفعال دون الأحكام (هذا كله) مضافا إلى ما في قوله في المأمور بها والمنهي عنها من المسامحة الواضحة من ناحية العبارة إذ لا وجه لتأنيث الضمير الا بالعود إلى الأحكام ولا محصل للمأمور بالأحكام والمنهي عن الأحكام كما لا يخفى.
(قوله وبالجملة ليست المفسدة ولا المنفعة الفائتة اللتان في الأفعال وأنيط بهما الأحكام بمضرة... إلخ) (وفيه) ان ظاهر ما تقدم منه من ان المفسدة ليست بضرر على كل حال ضرورة ان كلما يوجب قبح الفعل من المفاسد لا يلزم ان يكون من الضرر على فاعله بل ربما يوجب حزازة ومنقصة في الفعل بحيث يذم عليه فاعله بلا ضرر عليه أصلا كما لا يخفى... إلخ هو تسليم كون المفسدة من الأضرار أحيانا غير انها لا تكون كذلك دائما لا انها ليست بمضرة مطلقا ضرورة ان أكثر المفاسد التي تكون في المحرمات هي من الأضرار الواردة على فاعله إما في جسمه أو في عرضه أو في عقله أو في ماله وقلما يتفق أن تكون هي مجرد الحزازة والمنقصة في الفعل بلا ضرر عليه أصلا (قوله ولا استقلال للعقل بقبح فعل ما فيه احتمال المفسدة أو فعل ما فيه احتمال المصلحة... إلخ) دفع لما قد يقال من ان المفسدة والمنفعة الفائتة وإن لم تكونا بمضرة فلا مجال لقاعدة دفع الضرر المظنون هاهنا ولكن عند الظن بالحرمة تكون المفسدة مظنونة قطعا وان لم يكن الضرر مظنونا وهكذا عند ظن الوجوب يكون فوت المصلحة مظنونا