وإن لم يكن قبيحا على الحكيم ولكنه مع ذلك مما لا يناسبه جل وعلا (مضافا) إلى أنه تعالى لم يظهر دوام الحكم وإنما هو شيء قد استفيد من ظاهر الأمر بطبعه الأصلي نعم هو قد أخفى أمد الحكم ولم يبينه وهذا غير إظهار دوام الحكم واستمراره (والصحيح) في التعبير على نحو لا يرد عليه شيء مما ذكر أن يقال وانما اقتضت الحكمة إخفاء أمد الحكم في بدو الأمر مع أنه بحسب الواقع له أمد وغاية ومن المعلوم أن إخفاء أمد الحكم ليس بكذب ولا شبه كذب هذا محصل الكلام في النسخ (وأما البداء في التكوينيات) فمجمل الكلام فيه كما سيأتي من المصنف أنه ليس بمعنى ظهور ما خفي عليه بل بمعنى إبداء ما أخفاه في بدو الأمر فهو تعالى يخبر عن وقوع أمر معلق على أمر غير واقع أو على عدم أمر واقع ويخفى التعليق عليه حين الإخبار وان المعلق عليه مما لا يحصل فلا يحصل المعلق وذلك لحكمة مقتضية لذلك ثم يبدي ما أخفاه أو لا فالبداء فيه تعالى إبداء حقيقة لا بداء كما إذا أخبر عن موت شخص معلق موته على عدم التصدق وقد أخفى التعليق عليه حين الإخبار ولم يبين أنه يتصدق ولا يموت وذلك لحكمة مقتضية للإخبار كذلك كالتنبيه على خواص الصدقة وشدة تأثيرها في دفع البلاء ونحو ذلك من المصالح وقد نسب إلى أمير المؤمنين عليه السلام في يوم صفين أنه أخبر عن قتل معاوية وقال لأقتلن اليوم معاوية وأخفى قوله إن شاء الله تعالى قاصدا بذلك تشجيع العسكر وتقوية عزمهم على القتال مع الفئة الباغية والله العالم.
(قوله وإنما اقتضت الحكمة إظهار دوام الحكم واستمراره أو أصل إنشائه وإقراره... إلخ) فالأول للنسخ بعد العمل والثاني للنسخ قبل العمل وقد أشرنا إلى جواز الثاني وإمكانه وسيأتي لذلك مزيد توضيح وبيان فانتظر (قوله ومن هذا القبيل لعله يكون أمر إبراهيم بذبح إسماعيل... إلخ)